رأي

هل أفشل “تيم حسن” مسلسل الزند

سمو حسام الدين

أثار مسلسل الزند ” ذئب العاصي” جدلاً واسعاً, ولاقى شهرة كبيرة فهل يستحقها؟ وما الأخطاء التي تضمنها؟ وهل حقاً هو موجه سياسياً لتلميع فئة من الناس في سوريا وتشويه فئة أخرى؟ وهل تم تبييض صورة الاحتلال العثماني فيه؟

الزند مسلسل سوري درامي تاريخي, تعود أحداثه للعام 1870م. عندما كانت سوريا “بلاد الشام في ذلك الوقت” تحت الاحتلال العثماني. ومن الغريب أن تذكر الكثير من المواقع والمقالات أن العمل هو عن الساحل السوري, في حين أحداثه وقعت – وذكر ذلك في المسلسل أكثر من مرة – في حمص. قد يرجع السبب في ذلك لاختلاف اللهجات غير المبرر في المسلسل, واعتماد  الممثل الرئيسي فيه “تيم حسن” على الأداء بلهجة مجمعة من محافظات مختلفة في الساحل السوري الذي ينتمي إليه.

 

بدايةً لاقى “الزند” الكثير من الإعجاب في حلقاته الخمس الأولى, ثم بعد ذلك بدأ الجدل حوله يتزايد فما السبب؟

السبب الأول اعتراض الكثير على الألفاظ والشتائم التي تفنن عاصي “تيم حسن” بإطلاقها على خصومه. ومن المعروف أن الممثل السوري “تيم حسن ” بعد أن أدى شخصية جبل في مسلسل الهيبة تحول إلى بطل شعبي يقلده الشباب والأطفال في كلامه وتصرفاته وحتى تصفيفة شعره.

وبالإضافة إلى اللهجة فإن أداء “تيم ” لم يكن طبيعياً أو تلقائياً, بل تضمن الكثير من المبالغة التي أضعفته, وقللت تناغمه مع أداء باقي الممثلين – وأبرزهم أنس طيارة ورهام قصار – فخلق شرخاً في روح العمل.

أويما 20 - Uima20 | هل أفشل

وقد تضمن العمل الكثير الاستعراض الزائد بالكلام والصوت العالي, والحكم التي تطلقها الشخصيات بكثير من الفلسفة التي لا تتناسب مع ثقافة الشخصية وبيئتها ومستواها التعليمي. بالإضافة إلى تضمنه الكثير من مشاهد العنف والدماء, والأحداث اللامنطقية لإنقاذ البطل في اللحظات الأخيرة, أو إبرازه كـ”سوبر هيرو”.

فهل من المنطق أن يلجأ أحد رجال عاصي لمحاولة قتله بعد أن قتل إدريس أخاه؟ أليس الأجدر به أن يخطط لقتل القاتل نفسه وهو إدريس؟ فلماذا بدلاً من ذلك قرر قتل عاصي؟ ألم يتم افتعال كل ذلك لنرى عاصي مرة جديدة قائداً لا نظير له, يحسن التعامل مع كل الأشخاص والمواقف؟!.

مسلسل الزند

وكذلك في حادثة السطو على البنك- ولا بد هنا من دحض المنشورات “الفيسبوكية” التي قالت بعدم وجود البنوك في ذلك الوقت. فأول مصرف إمبراطوري عثماني أنشأ في الشام عام 1856بمصالح بريطانية مثلها في المسلسل يحيى مهايني بدور “روث” الذي حاول جعل هذا البنك غطاء لمد السيطرة البريطانية-.

عند السطو على البنك, كان بإمكان عاصي تفتيش “روث”, وأخذ المفاتيح منه عنوة فينتهي الأمر بثوانٍ. ولكن تم “مط” المشهد لنرى “عاصي” يكرر السؤال عدة مرات عن مكان المفاتيح, مستعرضاً ما أمكنه من شتائم وبلطجة.

أويما 20 - Uima20 | هل أفشل

وهناك أخطاء متفرقة ساهمت في تقليل مصداقية العمل, منها لا منطقية بعض الأحداث والتصرفات, وسوء تنفيذ بعض المشاهد كمشهد الهروب من المشفى, وأسماء بعض الشخصيات غير المتناسب أبداً مع الحقبة التاريخية, كونها أسماء حديثة لم توجد في ذلك الزمن.

  * نقاط قوة الزند:

وصلنا إلى حيث نقول ما للزند من مميزات وأسباب انتشار, فالحبكة مشدودة, فيها الكثير من التشويق والمتعة الدرامية, والقدرة على جذب الجمهور, والاستحواذ على اهتمامه كلياً. وهذا يعتبر أهم عوامل نجاح الدراما. ويفسر لنا سر نجاح المسلسل جماهيرياً. بالإضافة إلى ملامح جمالية عالية على صعيد الصورة, وحركة الكاميرا, وأداء بعض الممثلين, وكذلك الأزياء, والديكور, والإضاءة.

 ويحتسب لمخرج العمل سامر برقاوي أنه قدم الكثير من الوجوه الجديدة, والتي قدمت أداءاً يبشر بالكثير. وأنه تمكن من ضبط إيقاع العمل وفريقه. وقد تميز بشكل خاص في مشاهد الحركة والأكشن, وخاصة في الحلقات الأخيرة التي تضمنت مشاهد صعبة التنفيذ, قدمت ونفذت بحرفية عالية, وجعلت الختام من أنجح الأجزاء في المسلسل.

مسلسل الزند
سامر برقاوي

مسلسل “الزند” قدم قصة فلاح ثار على الظلم, وهي قصة تم تناولها سابقاً, وقد تتقاطع في بعض المفاصل مع حكاية قدمها فيلم “الفهد”, أحد أهم أفلام السينما السورية. ومما ميز القصة هنا هو خصوصية المنطقة, فحوض العاصي لم يظهر في الأعمال الدرامية السورية سابقاً, وهذا يحتسب لصالح النص وكاتبه.

لكن لا بد من أن نتساءل ما الذي يريد أن يقوله النص؟ فالذي يريد إيصاله للناس هو ما يحكم القصة.

– وما هي الحلول التي يطرحها عن التعامل مع السلطة والظلم؟ السرقة؟ القتل؟ المال؟ والنفوذ؟ ولماذا لم يظهر الدور السلبي للاحتلال العثماني ولم يتم التركيز عليه؟ بل بدا أبناء الشعب الواحد هم الذين يتقاتلون ويقتل بعضهم بعضاً, على الرغم من أن السلطة العثمانية هي من شجعت ودعمت الإقطاع والأغوات ومنهم “نورس باشا”.

مسلسل الزند

ثم هل يمكننا تسييسه؟

 إن المشاهد الأخيرة التي يستذكر فيها عاصي كيف أنقذهُ صديقيه – اللذين قتلهما “صالح وخليل”- أنقذاهُ من موتٍ محتم تفتح المجال لذلك. خاصة مع الحوار الغريب عن القصر وعراقته, وجماله, وحاجته إلى اهتمامٍ كبيرٍ للمحافظة عليه. وهو الحوار الذي دار بين الخياط وعاصي, الذي استقر في قصر نورس وأصبح آغا, فهل ابتليت هذه الأرض بظالمٍ جديد؟ وهل تتضمن هذه الجمل ترميزاً ما؟

يمكننا دائماً أن نحلل كما نشاء, فجمال الترميز بأنه يفتح المجال لنلقي بمعتقداتنا وتحليلاتنا على الأحداث, لكننا في نفس الوقت لن نتمكن من النفي أو الإثبات بشكلٍ قاطع.

في النهاية الزند مسلسل جسد جمال الصنعة, ومن الواضح أن مجهوداً عالياً بذل فيه ,حتى وإن وجدت فيه الأخطاء, فمن لا يعمل لا يخطئ.

مسلسل الزند

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى