أسباب ضعف الدراما التليفزيونية المغربية
فؤاد زويريق
حل شهر رمضان ويحل معه الموسم الدرامي الذي تتنافس فيه قنواتنا المغربية بعرض أفضل إنتاجاتها الدرامية، بالنسبة لنا نحن الجمهور والمتتبعون فهذا الموسم لم يكن استثنائيا بطبيعة الحال، فما عُرض إلى حد الآن ينبئ بموسم درامي فاشل كباقي المواسم التي سبقته، وحتى نفهم سبب هذا الوباء الموسمي الذي يصيب ”الجسم الدرامي المغربي” كل سنة، سأشير هنا الى بعض نقط الضعف التي ساهمت في تآكل المنظومة ككل وجعلها مجرد بقرة حلوب يستفيد منها بعض المحظوظين.
أولا هناك الفساد والشللية والعلاقات التي تحكم هذا المجال، وهذه النقطة بالذات من أخطر أدوات الهدم التي ساهمت في إضعاف أساسات وبنيان المنظومة، هناك أيضا غياب التنافسية الإنتاجية وحصر الإنتاج داخل مؤسسات بعينها مما خنق السوق الدرامي وحدَّ من طموحاته وتطوره، كما لا ننسى تحكم المستشهرين وتدخلهم في تفاصيل الأعمال وتوقيت العروض.
كل هذه العناصر وغيرها أثرت بشكل جد سلبي في مسار العملية الإبداعية التي يطلع عليها الجمهور على شكل مسلسلات وأعمال فنية أخرى، ويكمن هذا التأثير في غياب كتاب سيناريو حقيقيين وموهوبين مما ينسف الكتابة الدرامية، فكما يعلم الجميع فالسيناريو هو نواة وأساس أي عمل درامي أو سينمائي، والسيناريو الرديء لن يُصنع منه حتما سوى عمل أردأ منه.
لدينا أيضا ضعف الرؤية الإخراجية، فالكثير من المخرجين المحظوظين الذين توكل إليهم مهمة إخراج هذه الأعمال، غير متمرسين إبداعيا أو مجرد تقنيين رغم حملهم لصفة مخرج، لذا نجد الدراما المغربية في أغلبها بلا روح إبداعية وبلا رؤية فنية.
كما أنها -أي الدراما المغربية- تعرف بالدراما ذات المحتوى الوحيد، فالكل يضطر للإشتغال على المواضيع الاجتماعية البسيطة، بسبب الطابوهات والخطوط الحمراء الكثيرة والمتشابكة التي لا يجرؤ صناع الدراما على تجاوزها، لذا تجدهم يحومون حول نفس المواضيع المستهلكة، الى درجة أصبحت فيها كل المسلسلات متشابهة.
هناك أيضا استحواذ أسماء بعينها على أدوار البطولة وتكرارهم في الكثير من الأعمال وفي نفس الموسم، وهذا يخلق نوعا من التشتت الذهني لدى المُشاهد وخصوصا ذاك الذي ينتقل من عمل الى عمل في نفس اليوم، كما أن تواجدهم في أكثر من عمل لا يخدم مسيرتهم بقدرما يعرضهم للاستهلاك وبالتالي نفور الجمهور منهم ومن العمل ككل.
من النتائج الابداعية السلبية أيضا، بساطة الصورة، فأغلب الأعمال إن لم يكن كلها مازالت تصور بتقنيات قديمة في عصر يعرف ثورة رهيبة في صناعة الصورة وتطور تقنيات التصوير، فكما نتابع عالميا وكذا عربيا، الأعمال الدرامية أصبحت تضاهي الأعمال السينمائية من هذه الناحية.
لا بد أيضا أن نشير الى عنصر الموسيقى التصويرية ، فهو آخر عنصر يهتمون به رغم أنه يعتبر من أهم ركائز الأعمال الدرامية والسينمائية. وأخيرا وليس آخرا هناك ضعف النقد الفني والإعلامي الجاد والمسؤول المواكب لهذه الأعمال.
باختصار هذا تشخيص سريع لحالة الدراما المغربية والأسباب الكامنة وراء ضعفها سواء من ناحية الإنتاج أو الإبداع مقارنة مع نظيرتها في بعض البلدان العربية.