نقد

الحريفة 2.. بساطة الحبكة وغزارة الكوميديا 

 مصطفى الكيلاني 

يأتي فيلم الحريفة 2: الريمونتادا كتكملة للجزء الأول الذي حقق نجاحًا كبيرًا، سواء جماهيريًا أو نقديًا، ليواصل استكشاف عالم الشباب وأحلامهم في كرة القدم وسط التحديات الاجتماعية والاقتصادية. 

النجاح الكبير للجزء الأول دفع صُنّاع العمل للتفكير في تقديم جزء ثانٍ، إلا أن اللافت هو أن الجزء الثاني صدر في نفس العام. تم تأليف الفيلم وتصويره وعرضه خلال فترة زمنية قصيرة، وهو ما انعكس على العمل. فقد ظهر تفاوت في تماسك السيناريو، مع وجود تفاصيل كان يمكن تحسينها لو أُعطيت مزيدًا من الوقت أثناء الكتابة. 

أبرز نقاط قوة الفيلم تكمن في بساطة حبكته وغزارة الكوميديا. يستكمل الأبطال رحلتهم من المدرسة الثانوية إلى الجامعة، مع صراعات تتعلق بالهوية الشخصية، الطموح، وضغوط المجتمع. التركيز على الرياضة كوسيلة للتغيير الاجتماعي كان واضحًا وجذابًا. ومع ذلك، عانى الإيقاع أحيانًا، حيث تكررت بعض التحديات التي يواجهها الأبطال، ما جعل المشاهد يشعر ببعض الملل في لحظات معينة. 

انقلاب “سلهوب”

تكررت مشاهد الجامعة دون تقديم جديد في بعضها، ما جعلها تبدو بلا جدوى. كما أن انقلاب “سلهوب”، أحد أعضاء الفريق، لم يكن مبررًا بشكل كافٍ، وهو نفس النمط الذي قدمه الفيلم مع شخصية “كزبرة” في الجزء الأول. كذلك، العلاقة بين ماجد وحبيبته التي اكتشفنا فجأة أنها تمارس كرة القدم النسائية ظهرت بشكل غير متماسك، إذ كانت تظهر وتختفي دون توضيح أسباب. 

الحريفة 2
الحريفة 2

على صعيد التمثيل، نجح طاقم الشباب في تقديم أداء مقنع. برز نور النبوي في إظهار مشاعر الإصرار والتحدي، بينما أضاف كزبرة جرعة فكاهة مميزة. ومع ذلك، لم تُمنح الشخصيات الرئيسية عمقًا كافيًا، مما أثر على تأثيرها في القصة. حتى مع وجود ممثل موهوب مثل أحمد غزي (ششتاوي)، فإن حبكة دوره بدت متوقعة منذ البداية، مما أضعف الأثر الدرامي للقصة المرتبطة بشخصيته. 

كانت مشاركة ضيوف الشرف، مثل آسر ياسين وأحمد فهمي وأسماء جلال، إضافة ممتعة. وقد تألق مشهد مباراة فريق “الحريفة” مع فريق أحمد فهمي ومنتج الفيلم طارق الجنايني. كان من الأفضل لو كان هذا المشهد هو الافتتاحية بدلاً من تقديم “حشو” درامي لا يخدم السرد أو الكوميديا بشكل واضح في المشاهد الأولى. 

الحريفة 2
الحريفة 2

عانى السيناريو من قلة التفاصيل لشخصية “نضارة” (عبدالرحمن محمد)، حيث كان خطه الدرامي الأقل تأثيرًا في القصة. ومع ذلك، عوّض السيناريست إياد صالح هذا النقص بجعل “نضارة” العنصر الذي يجمع الفريق مجددًا، إضافة إلى المشهد الذي قدمته أسماء جلال، والذي تميز بالذكاء، كاعتذار ضمني عن ضعف هذا الخط الدرامي، كمان كان كذلك ضعف الخط الدرامي لشخصية شريكهم مغني الراب النص “خالد الذهبي” ولم يدعمه وجود مروان موسي كضيف شرف، وكان ذلك المشهد بلا أي مغزى داخل العمل. 

تغيّر مخرج الجزء الأول، رؤوف السيد، ليحل محله كريم سعد في أولى تجاربه الإخراجية. وقدّم كريم عملاً جيدًا، خصوصًا في تصوير مشاهد المباريات، التي جعلت المشاهد يشعر وكأنه داخل الملعب. ومع ذلك، بدت بعض المشاهد مطولة أو مكررة، مثل مشاهد الملعب في إسبانيا ومشاهد “كشك حتة” في الجامعة. 

الحريفة 2
الحريفة 2

أضافت الموسيقى التصويرية لكريم جابر الوايلي وعمرو عمامة عمقًا كبيرًا للفيلم، معززة المشاعر في اللحظات الحاسمة. لكن استخدام الموسيقى أحيانًا كان مفرطًا أو غير متناسق مع الجو العام، خاصة مع الاعتماد على أغاني الراب التي تستهدف جيل Z، وهو الجمهور الأساسي للفيلم. 

ورغم الاهتمام بقضايا الشباب والطموح، إلا أن الفيلم أغفل بعض الجوانب الاجتماعية التي كانت بارزة في الجزء الأول. فأسرة ماجد، التي كانت جزءًا رئيسيًا من الأحداث سابقًا، غابت تمامًا دون توضيح لمصيرها بعد الانهيار المالي الذي كان محركًا رئيسيًا للدراما. كذلك، افتقد الفيلم تلك الحميمية بين أعضاء الفريق، والتي برزت بقوة في الجزء الأول من خلال تفاصيل درامية صغيرة ومؤثرة. 

نجح إياد صالح والمخرج كريم سعد في تقديم كوميديا مميزة عبر شخصية “كزبرة”، حيث برع في تقديم الإيفيهات بحرفية تجمع بين الأداء الحركي واللفظي، ما جعله البطل الحقيقي للفيلم في ظل غياب خطوط درامية قوية للشخصيات الأخرى. 

الجزء الثاني قد يحقق إيرادات تتفوق على الجزء الأول، وهو الذي ساهم في فتح موسم الشتاء كموسم منافس لموسم الصيف في شباك التذاكر. ومع احتمالية وجود جزء ثالث، يأمل المشاهدون أن يقدم السيناريست إياد صالح نسخة أكثر تطورًا، تستقطب جمهورًا متنوعًا وتفتح آفاقًا جديدة لتوزيع الأفلام المصرية خارج المنطقة العربية. وربما يساعد حذف حوالي 20 دقيقة من الفيلم على تحسين الإيقاع وتخفيف التفاصيل التي لم يتم تقديمها بشكل متكامل في السيناريو. 

الحريفة 2
الحريفة 2

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى