رأي

«المُخلص السوري» يعيد «سمير ذكرى» إلى السينما

نوار عكاشه

مخرج سينمائي إشكالي، صاحب مشاريع فكرية جدلية، شغلته مراقبة الناس والرغِبة بقراءة أفكارهم، استمد من قضايا المجتمع عمقها، فاقتحم تابوهات السياسة والدين والجنس، وقدمها في مضامين أفلامه بِفهم تنويري توعوي مُراعياً بِحرص شديد؛ توازنها مع أصالة السينما وجاذبيتها، ليُقدم عبر السينما؛ توصيفه للمجتمعات العربية، وإشكالياتها الحضارية والتطورية.

إنّه «سمير ذكرى» (1945)، المخرج السينمائي السوري المثير للجدل، درس السينما وتخرج من معهد (الفغيك) في الاتحاد السوفياتي سابقاً، صاحب الأفلام الخالدة في ذاكرة السينما السورية (حادثة النصف متر، وقائع العام المقبل، علاقات عامة، تراب الغرباء، حراس الصمت …)، كتب سيناريوهات أفلامه، وشارك في كتابة سيناريوهات عدة أفلام (بقايا صور، أحلام المدينة …)، عُرِف بِصاحب المشروع الفكري في السينما، فَعلى الرغم من قلة أفلامه؛ إلّا أنّه استطاع خلق حالة سينمائية خاصة بِه تميزت بجرأة الطرح والتعمق في الأفكار والتجدد الدائم، مؤمناً بمقولته : "الفن قادر على أن ينمي الوعي بالتغيير"، كما تميز بوصول أفلامه إلى أهم المهرجانات السينمائية الدولية، فَكان فيلمه الأول «حادثة النصف متر» أول فيلم سوري يُشارك بشكل مباشر في مهرجان «البندقية»، المهرجان السينمائي الأقدم في العالم، كما حققت أفلامه حضوراً متميزاً واستحساناً لدى عرضها في أهم المهرجانات الأوربية والأمريكية.

يُوصف بإنّه المخرج صاحب المشاريع المؤجلة، فَفي جعبته عدة مشاريع سينمائية لم تبصر النور حتى الآن (المتشائل، تاريخ حادثة قتل، الزورق، ألف ويلة وويلة … وغيرها)، تلك المشاريع التي اصطدمت بعوائق رقابية وانتاجية حالت دون تقديمها.

 

وبعد غياب طويل عن صناعة الأفلام، يعود اليوم المخرج المتميز إلى ميدان العمل السينمائي، وفي جديده فيلم سينمائي بِعنوان «المُخلص السوري» (المسيح ابن الإنسان)، المشروع القادم ابتدأ مع طلب الأب «الياس الزحلاوي» من المخرج صناعة فيلم عن السيد المسيح، لكن المخرج السرياني المسيحي ابن مدينة حلب، رأى الابتعاد عن الطرح التقليدي، فاختار الصوفية الإسلامية للحديث عن المسيح، وهو أمر متوقع من مخرج وُلِد ونشأ ضمن بيئة خاصة وسط عائلة ساهمت بِرسم توجهاته الفنية والمهنية، فالوالد المحاور والمحدث البارع، والباحث باندفاع عن الحجج والدوافع لكل الحالات؛ حثَّ ابنه منذ طفولته على قراءة القرآن، وجال معه حارات حلب القديمة، وألحقه بِمدرسة عامة تنوعت خلفيات طلابها، تلك الحالة الاُسريّة المنفتحة؛ حَمَّلَت المخرج خصوصية معنى التعايش الديني في سوريا، فَكانت للصوفية الإسلامية مكانة متميزة لديه، و يصفها بإنها : "أعمق مساحة يلتقي فيها الدينان".

 

يقول المخرج عن فيلمه القادم أنَّه يتناول حكاية افتراضية عن رحلة شقاء يعيشها شاب وشابة في مواجهة دواعش اليوم، فَينتفض لهما المخلص مع أصحابه ليقتلوهم بالصلبان، ثم يأتي من بعيد شيء مبهم؛ أعلام دول، أو رسوم ورموز دول، لينتهي الفيلم على هذه الحالة.

 

وصرح المخرج عن رغبته القوية بالتعاون مع الكاتب والمفكر المصري «يوسف زيدان» في الكتابة الدرامية للفيلم، نظراً لإعجابه الشديد بِفكره وكتاباته، كما يسعى للاتفاق مع جهة انتاجية لِتبني العمل، دون الإعلان عن أي اتفاق حتى الآن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى