بعث.. عرض راقص يحيي ذكريات حريق بني سويف
في إطار الدّورة العشرين لأيام قرطاج المسرحيّة، وضمن العروض الموازية، احتضنت قاعة ميزانين الفن الرابع عرضا مسرحيّا بعنوان " بعث" من توقيع الفنانة المصريّة نوار أمين كتابة وإخراج وأداء.
"بعث" هو طقس من طقوس الرقص يقوم على الإجهاد والشغف والاكتمال والبقاء.
أنجز هذا العمل بموسيقى مبتكرة، وهو عبارة عن مونولوج شعري كتبته نورا أمين بعد تجربة شخصيّة مريرة تمثلت في فقدان زوجها وعدد من الفنانين في حادثة احتراق قاعة عرض في جنوب مصر سنة 2005. هذه الحادثة مثّلت صدمة جماعيّة توجّب على الممثلة تجاوزها عبر الرّقص كوسيلة تعبيريّة، ومنها يمكننا إدراك التجربة الجسدية والإلمام بها، ومن خلال إعادة التجّسيد، تبدأ عملية التحول والاستشفاء. نعيش ذلك من خلال الأداء الجسدي للممثلة.
فيغيب الكلام ويحضر الجسد للتعبير عن تجربة حيّة عاشتها الممثلة. الرّكح الخالي من أي ديكور أو اكسسوارت يتأثث بالوجع والألم الذي نعايشه من خلال الأداء الحركي لجسد الممثلة. هذا الجسد التي يتشظى ويتفتت على صوت لهيب النيران الذي يبث في القاعة. تطالعنا ملامح الممثلة من خلال الأضواء التي تكسوها كشهادة عن الذكرى الأليمة التي عاشتها.
في هذا العرض الفردي تتوسع هذه التجربة الشخصية لحريق المسرح، لتصير شهادة كونية عن القمع السياسي، ويلات الحرب، التعذيب. وهو كذلك عرض تجريبي لمسرح يعالج الذات وليس فقط عرضا فنيا تنفصل فيه الذات عن الموضوع الذي تؤديه.
"بعث" هو عرض يحيي فينا موروث الألم ويدخل الجمهور في حالة تواصل نفسي كأفراد وليس ككتلة. وقد عايشنا ذلك خلال الحركة التي قامت بها الممثلة في آخر العرض والتي تمثلت في دعوة الجمهور إلى نقع أيديهم في الماء كحركة رمزية لتشارك الإنساني.