نقد

حملة فرعون: كثير من العنف.. قليل من السينما 

محمد كمال 

"بتعرف تعد لحد كام" تلك الجملة الشهيرة التى قالها شمس الزناتي "عادل إمام" في الفيلم الذي أنتج عام 1991 وأخرجه سمير سيف، نفس الجملة قالها يحيى فرعون "عمرو سعد" للهجام "كرم جابر" في فيلم "حملة فرعون" الذي أنتج هذا العام وأخرجه رؤوف عبد العزيز.

 برغم إنها نفس الجملة فى فيلمين يحملا نفس القصة أو "نفس الاقتباس" لكن الفارق كبير بين الإثنين على مستوى المعالجة، على مستوى البناء الدرامي للقصة والشخصيات، على مستوى الأداء التمثيلي، على مستوى الأكشن المقدم برغم الفارق الزمنى بين العملين والنقلة النوعية لهذه النوعية من الأفلام.

حتى على مستوى الأمانة فى النقل فلم يتم الإشارة خلال التتر على أن "حملة فرعون" مقتبس، وأخيرا على مستوى ضعف الحوار وركاكته فى هذا المشهد المتعلق بجملة "بتعرف تعد لحد كام"، ففي بداية المشهد يقول الهجام "انتو مين" فيرد عليه يحيى فرعون قائلا "شمال ويمين". 

أويما 20 - Uima20 | حملة فرعون: كثير من العنف.. قليل من السينما 

مقارنة فيلم "حملة فرعون" مع نظيره المصري "شمس الزناتي" صعبة والفارق بينهما سنين ضوئية، بالتالي لن أتطرق من قريب أو بعيد عن مقارنة أحدث إنتاجات محمد السبكي بالنسخة الأصلية التى قدمها المخرج الياباني الشهير أكيرا كوروساوا عام 1954 بعنوان "الساموراي السبعة".

 أو الاقتباس الأمريكي الأشهر "The Magnificent Seven" أو "العظماء السبعة" الذي أنتج عام 1960 وشارك في بطولته يول براينر وستيف ماكوين وتشارلز برونسون وأخرجه جون ستورجس، قدمت السينما الأمريكية نسخة جديدة عام 2016 تحمل نفس الاسم " The Magnificent Seven" لكن بمعالجة مختلفة عن النسخ القديمة.

فى كل الأحوال "حملة فرعون" مع الاعتذار للراحل علاء ولى الدين "كله ضرب ضرب.. مفيش سينما" عن مجموعة من الأفاقين والبلطجية يذهبون في مهمة إنسانية فيكسبون تعاطف الجمهور ويتحولون الى أبطال، لكن في "شمس الزناتي" نجد لمحات شخصية وتاريخية بداية من الشخصية الرئيسية "شمس" وصولا الى الجاسوس "دعدور".

أويما 20 - Uima20 | حملة فرعون: كثير من العنف.. قليل من السينما 

 لكل شخصية دوافع تحركها وخط درامى تسير فيه حتى لو كان بسيط فهناك "سبرتو" السكير، "قرانص" المحتال، سامبو "المتحفز", "جعيدي "صاحب الرائحة الكريهة"، عوض "الذي ظل رغما عنهم" و "الطفشان" الطيب المحب للأطفال.

 ويظل توظيف كل صفة من صفات السبعة رجال فى علاقتهم القديمة من ناحية ومن جانب اخر علاقتهم بشمس هو الجزء الأساسي لبناء سرد درامي متماسك ومتناسق، حتى المارشال برعي نفسه له فلسفة خاصة فى ما يقدم عليه تجاه أهل القرية.

لكن في "حملة فرعون" فنحن أمام شخصية يحيى فرعون "عمرو سعد" بلا أي تفاصيل أو ملامح أو تاريخ فلا يظهر سوى اسمه "فرعون".. لماذا سمى هكذا.. لا نعلم.. ليس أمامنا سوى الدافع الوحيد إنقاذ ابنه من إحدى العصابات التى نمت أثناء الحرب السورية.. ولا نعرف أيضا لماذا ذهب ابنه ووالدته الى سوريا تحديدا وكيف فى ظل الحرب القائمة منذ أعوام !!، ونفس الحال ينطبق على كل شخصيات الفيلم فلم يكن لهم أى أبعاد أو خيوط درامية أو رسم للشخصيات فى دوافعهم أو حتى علاقتهم بيحيى أو علاقتهم ببعضهم.

أويما 20 - Uima20 | حملة فرعون: كثير من العنف.. قليل من السينما 

الخط الدرامي الوحيد الذي ظهر كان العلاقة القديمة بين الثلاثي يحيى ودهب "روبي" وراضي "محمود عبد المغنى" وقصة الحب بين يحيى ودهب ثم زواجه من صديقتها، والعلاقة المتوترة بينهم، لكن كيف نشأ التعارف بين يحيى والأرجنتيني "محمد لطفي"، أو راضي ويونس النطاط "رامز أمير", حتى العلاقة بين فرانك "ثور بجورنسون" وريك "مايك تايسون" لم تكن واضحة المعالم ووجودهما فقط من أجل الترويج للفيلم.

فى ظل هذا السيناريو المفكك والاداء المتواضع لكل الممثلين بلا استثناء يبدو أن الرهان كان على مشاهد الأكشن لكنها جاءت ضعيفة مبتذلة مكررة طويلة جدا من حيث المساحة على الشاشة، تنفيذها يشبه الى حد كبير أفلام الأكشن في السينما الأمريكية خلال فترة التسعينيات التي تجاوزها الزمن. 

أويما 20 - Uima20 | حملة فرعون: كثير من العنف.. قليل من السينما 

فإذا عدنا الى "شمس الزناتي" سنجد أن تنفيذ مشاهد الأكشن كان رائعا "برغم الفارق الزمنى والتقني" وكيفية توظيفها داخل الأحداث وصولا للمعركة النهائية وسقوط أصدقاء شمس تباعا فقد جاء سقوطهم متسق مع القالب الدرامي الذي وضع لكل شخصية.

 لكن في "حملة فرعون" كان سقوطهم أشبه بأن المخرج يريد ان يتخلص من حمل أدوارهم في الفيلم بشكل هزلي ضعيف شديد التفكك، ثم نكتشف بمرور الأحداث ان هناك ضابط مصرى متخفى منذ أعوام لاحتمالية أن السيناريو السورى سينتقل الى مصر ليضع للفيلم بعد قومى استراتيجى لكنه مع الأسف بعد شديد السذاجة.

يؤكد "حملة فرعون" أن حسابات المنتج محمد السبكى تغيرت فلم تعد تركيبته السابقة مؤثرة "الكوميديا – الراقصة – المطرب الشعبي" وبدلها بتوليفة جديدة تضم الأكشن مع وجود نجوم عالميين كانت البداية من "حرب كرموز".

أويما 20 - Uima20 | حملة فرعون: كثير من العنف.. قليل من السينما 

ويبدو انها ستستمر بعد "حملة فرعون" الذي توفرت له كل عناصر النجاح الجماهيري من حيث الأكشن الذي يتفوق على الكوميديا الان وثانيا وجود بطل شعبى محبوب مع نجوم عالميين الأول أثر فى أجيال خلال وجوده على حلبة الملاكمة، والاخر أحد أبطال أكثر المسلسلات الأمريكية نجاحا، وقبل كل ذلك مأخوذ عن قصة كل الأعمال التي اقتبست عنها حققت نجاحات كبيرة لكن مع الاعتذار لأستاذنا الكبير رأفت الميهي شاهدنا "كثير من العنف.. قليل من السينما.

أويما 20 - Uima20 | حملة فرعون: كثير من العنف.. قليل من السينما 
 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى