رسائل باسم يوسف: أصل الصراع
حكاية اليهود وتاريخ المشكلة اليهودية الفلسطينية كما رواها باسم يوسف
سمو حسام الدين
حكاية اليهود وتاريخ المشكلة اليهودية الفلسطينية كما رواها باسم يوسف :
قال باسم يوسف أن الكراهية تتغذى على الكراهية والتطرف، وهذا بمثابة حلقة مفرغة.
وهذه الكراهية المتبادلة قادمة من الصدمات، فحينما ننظر إلى اليهود عبر التاريخ، سنرى أنهم طردوا من كل القارة الأوربية، بسبب فكرة يهوذا الذي خان المسيح، وفي القرن الحادي عشر حرموا من امتلاك الأراضي وكان هناك مهن محظورة عليهم، الشيء الوحيد الذي سمح لهم بالقيام به هو إقراض المال لأن الكنيسة كانت تحرم على أتباعها القيام بذلك .
وبسبب عملهم هذا أصبحوا أغنياء، وكانوا معزولون في أحياء خارج المدن، وكان عليهم أن يدفعوا المال للعمدة، وكلما زاد مالهم زاد ما يفرض عليهم من ضرائب. ثم تم إنشاء صورة اليهودي الجشع “شايلوك في البندقية” ،وزاد الأمر سوءا عام 1095 على عهد الباب أوربان، الذي أطلق الحملة الصليبية الأولى لحفظ مكان ميلاد عيسى من المسلمين الكافرين، وهذه الحملة لم تقتل مسلماً واحداً وإنما قتلوا 2000 يهودي. ثم أتى الطاعون واتهموهم بقتل الأطفال وتسميم الثروات!
وفي القرن 19 أصبح هناك يهود الغرب في أوروبا، ويهود الشرق في أوكرانيا وروسيا، وكان على يهود الشرق أن يهاجروا خوفا من المذابح.
فظهرت في انجلترا مشكلة وجود عدد كبير من اليهود لديهم، أرادوا التخلص منهم، ولعلمك فلسطين لم تكن حتى في القائمة” أ” من الاحتمالات ، كانت في القائمة “ب” لأن انكلترا كانت قد اقترحت 6000 ميل مربع في أوغندا لليهود عام 1903 وكان هناك احتمالات أخرى كالأرجنتين و أوغندا ومدغشقر.
ولكن للأسف في النهاية استقروا على فلسطين، عام 1914كان هناك 700 ألف نسمة في فلسطين 3 % منهم يهود، ثم 1917 تم إعلان وعد بلفور، وقد اعترض عليه في ذلك الوقت العضو اليهودي الوحيد في البرلمان الانكليزي مطالباً بمعاملة اليهود كمواطنين متساوون مع باقي المواطنين الانجليز.
ثم أتى النازيون وحدث “الهولوكوست” الإبادة الجماعية الأكثر فظاعة وتنظيماً في العالم، حيث مات فيها 6 مليون يهودي.
وقد غادر اليهود من أوروبا الشرقية إلى أوروبا الغربية ثم إلى أميركا وفي النهاية تم دفعهم إلى فلسطين.
عام 1948 قبل إعلان قيام دولة إسرائيل كان هناك 2 مليون شخص هناك 30% منهم يهود ،فالفكرة الكاذبة والقائلة بأنها “أرض بلا شعب تمنح لشعب بلا أرض” هي مجرد فكرة تسويقية وترويجية لا أساس لها من الصحة.
فما حدث أن الفلسطينيون –أصحاب الأرض- أُخذت أراضيهم منهم بالقوة ومنحت لليهود.
وكان هناك الكثير من ميليشيا الأراغون والهاغانا الذين بدؤوا بتقتيل الفلسطينيين، فهناك مثلا مذبحة دير ياسين الراسخة في عقول العرب.
عام 1948 كان هناك مليون ونصف فلسطينيون تم تحويلهم إلى لاجئين! ولهذا نسميها نكبة لأنها كارثة بكل المعايير الأخلاقية والإنسانية والحقوقية.
إن معرفة هذه المعلومات مهم جداً لفهم ما يجري الآن ولفهم أسباب هذا الصراع, وهذا ما لا تقدمه وسائل الإعلام التي تفشل في نقل الصورة الكاملة للصراع وتنجح في بث المزيد من الكراهية والتعصب والتشويش.
والأفظع من ذلك أنه الآن هناك محاولة لمحو الثقافة الفلسطينية التراثية إذ يتم سرقتها وتحويلها إلى إسرائيلية! مثلاً أنا الآن فجأة أرى جبنة فيتا اسرائيلية! حمص إسرائيلي! هذه إهانة حقيقية إنها جزأ من ثقافة الفلسطينيين وليس من أتى من أماكن مختلفة من العالم حاملين ثقافات مختلفة.. سرقت الأرض والممتلكات وهجرت الناس فكيف تصل بك الوقاحة إلى سرقة أطباقهم الشعبية وثقافتهم ونسبها إليك؟!
هناك 2.2 مليون شخص يعيشون في غزة و3.5 مليون في الضفة و 350000 شخص في إسرائيل وهناك حوالي سبعة ملايين شخص يعيشون في الخارج، وهم الفلسطينيون الذين تم طردهم وليس لديهم حق العودة! وإذا قابلتهم ستراهم يرتدون قلادة فيها مفتاح منزلهم الذي طردوا منه..
وحتى لو كنت فلسطينياً بجواز سفر أميركي ستعاني الأمريِّن قبل أن تتمكن من الدخول إلى فلسطين!
وبالمقابل فإن اليهودي الذي لم يولد على هذه الأرض، وإنما يمكن أن يكون قادماً من أي بقعة من بقاع العالم بولندا أو أوكرانيا.. ومع ذلك ولمجرد كونه يهودياً يمكنه بأي لحظة أن يستقل الطائرة ويهبط في فلسطين بكل سهولة ! وأكثر من ذلك يمكنه خلال 24 ساعة أن يتحول لمواطن إسرائيلي ويمنحوه مالاً وعملاً ومنزلاً هو بالأصل ملك لشخص فلسطيني!
العرب في عام 1948 كان يشكلون 70% من السكان في فلسطين ثم فجأة تمنحك الأمم المتحدة 48% من الأرض!
وإسرائيل لم تتنازل عن شبر واحد من الأرض بطرق سلمية، فمثلاً سيناء لم يتم استرجاعها منهم إلا بحرب 1973 وجنوب لبنان خرجوا منه عام 2006 بسبب المقاومة الموجودة هناك إذ كان لديهم خسائر لا يستطيعون تحملها.
الواقع أثبت أن إسرائيل لن تعيد الحق لأصحابه بطرق سلمية، عليك أن تقاتل لتنال حقوقك.
هناك فيديو لنتيناهو عام 2001 وهو يتفاخر ويقول عن الفلسطينيين أن علينا أن نقتلهم ونجعلهم يتألمون. ولم يكن هناك حماس في ذلك الوقت كان يتحدث عن السلطة الفلسطينية.
إسحاق رابين القائل ب “سياسة تكسير العظام” كانوا يكسرون عظام الأطفال على الأرصفة وفي الشوارع!
ولذا الفكرة المنتشرة في الغرب بأن إسرائيل تريد السلام والعرب هم من يريدون الحرب والقتال هي كذبة كبيرة.
والعكس هو الصحيح فالموقف الرسمي للسلطة الفلسطينية هو أننا سعداء ب 22% من الأرض، وما يحدث طوال الوقت هو محاصرة هذه الأراضي من خلال بناء المستوطنات حولها من كل جانب.
موشيه زيمرمان مؤرخ إسرائيلي قال إن المواطن الإسرائيلي ليس لديه رؤية للسلام, لأنه خلال 70 عام كان يعيش الحرب، واستولى الجيش على مقاليد الأمور، لذا فإن فكرة السلام ليست موجودة ضمن منظورهم.
– لماذا لا تأخذ الأردن الفلسطينيين؟ لماذا لا تفعل ذلك مصر أو العرب؟
هذا بالضبط ما يريده الإسرائيليون وهو الحل الأسوأ، فالفلسطينيون لديهم أرضهم الأساسية التي طردوا منها فلم يجب على دولة ثانية أن تأخذهم؟
فما الذي سيحدث بعد ذلك؟
سيذهبون إلى الضفة الغربية ويقوموا بدفع 3.5 مليون شخص إلى الأردن..
ومن حقنا نحن أن نطرح نفس السؤال :لماذا لا تأخذ أوروبا الإسرائيليون وهي لديها 44 دولة؟ لماذا لا تأخذهم أمريكا وهي لديها 50 ولاية؟ لماذا لا يعطونهم فلوريدا؟ إنهم أصدقاؤهم الذين يدعمونهم طوال الوقت فلم لا يأخذوهم؟
هل يمكن أن تلاحظ الآن أن السؤال منافي للمنطق كأنك تقول للسعودي لم لا تأخذ الأردني؟ هذا لا يمكن أن يكون حلاً إنه بداية لمشكلة جديدة.