عاطف الرعو
عن كوثر مصطفى الشاعرة الواقفة كما النخل باصص للسما
يُحكى في التراث الشعبي الصعيدي، عن بنت جميلة كانت بتحب فارس فقير لا يمتلك سوى جواده. طلبه المتكرر للجواز منها اترفض من أهلها رفض قاطع بسبب مهرها التعجيزي، واللي وعدها إنه هيلف البلاد يشتغل ويجمعه.
في مقابل ابن العَم الثَري. ومع الإلحاح والترهيب قررت البنت إنها تشترط شرط تعجيزي آخر، وهو إنها تفصّل قفطان الفرح لعريسها بإيدها، والعُرس ينتظر حتى انتهاء الغزل.
وعلى مدار شهور وشهور منتظرة حبيبها يرجع بالمهر المطلوب، بقت في النهار تغزل القفطان قدام الأهل، وفي الليل تفُك ما غزلته وتعيده تاني في النهار. ولما محمد منير حكى القصة دي لكوثر مصطفى كتبتله أغنية في منتهى الرقة والجمال اسمها “يا بنت ياللي” بتقول في مطلعها:
يا بنت ياللي بتغزلي قفطانه
غزل الصبح ليه ع الليل تحلّي خيطانه؟
يا غنوة خايفة تغنّي
يا طيري اللي شارد منّي
ضيّعتي الليالي والقمر مستنّي
ضيّعتي الليالي تغزلي وتحلّي!
زمن الكاسيت
صناعة الأغنية المصرية، وخصوصًا في زمن الكاسيت مليانة جنود مجهولة. معروفين لبعضنا آه لكن فيه أجيال كاملة بتحب أغاني بعينها لكونها كلاسيكيات مختلفة وسابقة زمنها، لكن مايعرفوش حتى اسم اللي كاتبها.
من أهم الناس دي في رأيي صديقتى الشاعرة كوثر مصطفى. واللي تقريبًا كُل الأغاني اللي كتبتها مليانة جُمل بتتقال طول الوقت كمبدأ وحكمة بقت في لغتنا الدارجة زي الأمثال الشعبية!
ولو في يوم راح تنكسر
لازم تقوم واقف كما…
النَخل باصص للسما
أنشودة عظيمة للأمل في فيلم المصير، الفيلم المتكامل حتى في كلمات أغانيه واللي طلع منه أيقونة “علّي صوتك بالغُنا”.. وحوالي 25 أغنية مع محمد منير هم عبارة عن علامات كبيرة في مشواره.
.
“كُل شيء بيدبل، وَحده في الخريف… عيش سنين شبابك، بقلب مش ضعيف”
.
ده غير كتابة كوثر مصطفى لتترات مسلسل “بكّار” اللي بقت أيقونة غنائية. وأغنية “النيل” اللي كلنا بنقتبس منها جملة هي بتقولها على مجرى النيل لكنها تنطبق على كل واحد فينا!
“ولسّة بيجري ويعافر، ولسّة عيونه بتسافر، ولسّة قلبه لم يتعب من المشاوير”
ولما قررت تكتب عن فلسفة الحياة والموت كتبت قصيدة في ديوانها “حكايات ديل الحصان” اسمها “في نص الليل” وبقت بعد كده أغنية مشهورة وغامضة وجميلة للغاية بيقول مطلعها:
“بعد ما إدّى وبعد ما خَد
بعد ما هَد وبنَى واحتد
شد لحاف الشتا مـ البَرد
حط الدبلة وحَط الساعة
حط سجايره والولّاعة
وعلّق حلمه على الشمّاعة”
نادرًا ما حد بيقدر يجمع بين البساطة والعمق ده، الفلسفة والسهولة، دمج المثل بالمعنى المقصود ليمتزجا بلا انفصال ولا فذلكة!
شاعرة البنات
كوثر مصطفى، إحدى أهم شاعرات العاميّة المصرية… شاعرة البنات اللي قالت عن مأساة البنت بكل بساطة وجَمال:
“في بلدي البنات، كُل البنات
ماشية وظابطة في إيدها الساعات
وقبل ما تقفل بيبان البيوت
وقبل ما ينزل ضلام الحارات
في بلدي البنات…
بتجري تروّح”
