فيلم سعاد لأيتن أمين.. على خطى جيل الواقعية الجديدة
عبد الكريم واكريم
كان فيلم سعاد للمخرجة المصرية أيتن أمين أول عروض اليوم الأول من أفلام المسابقة الرسمية لمهرجان عمان السينمائي الدولي الخميس 21 يوليو 2022، وهو الفيلم الذي تم منع عرضه في مصر بسبب خلافات بين المنتج الأصلي للفيلم والمخرجة أيتن أمين.
بدا واضحا أن المخرجة أيتن أمين تتقفى في فيلمها سعاد أثر خُطَى جيل مهم في السينما المصرية ترك أثره سينمائيا بقوة وهو جيل “الواقعية الجديدة في السينما المصرية”، الذي تُهدِي إلى مخرجيه فيلها هذا في جينريك “تتر” نهايته، حيث نقرأ “إلى كل من داود عبد السيد، عاطف الطيب، محمد خان، وخيري بشارة“.
ولا تقتصر مخرجة فيلم سعاد على هذا الإهداء بل يظهر بقوة تأثرها بأسلوب هؤلاء المخرجين السينمائي في كل لحظات الفيلم، كونه مصورا في الشارع وفي أماكن شعبية وسط الناس العاديين، حيث التقطت صخب وعنفوان لحظات حقيقية يصعب إعادة إنتاجها وتصويرها داخل الاستديوهات، ثم باعتمادها على ممثلين يمثلون لأول مرة على الشاشة أو أناس غير ممثلين ويؤدون أدوارهم في الحياة.
رغم أن المخرجة هنا تجاوزت ما كان يفعله جيل داود وعاطف الطيب وخيري بشارة ومحمد خان، بحيث لم تستعن كما كانوا يفعلون نهائيا بممثلين معروفين أو نجوم شباك، ويرجع ذلك ربما إلى أن الجيل الحالي من النجوم المصريين ليست لديهم الجرأة والذكاء الفني الذي كان يتمتع به كل من نور الشريف ومحمود عبد العزيز وأحمد زكي الذين وضعوا موهبتهم التشخيصية في خدمة موجة سينمائية مجددة فنيا في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.
يبدو فيلم سعاد من نوعية الأفلام المستقلة والمنتمية لسينما المؤلف حيث تدع المخرجة لنفسها مساحة كبيرة للارتجال أثناء التصوير والمونتاج أيضا، إذ يظل السيناريو غير مكتمل وقابلا للتطوير في كل مراحل الإنتاج وحتى خروج الفيلم وعرضه للمشاهدة.
في فيلم سعاد نتابع شخصيات نسوية إيجابية وحاضرة بقوة فيما الشخصيات الرجالية متوارية وسلبية، لكن هذا لا يعني أن أيتن عامر تعمدت في فيلمها هذا إدانة الرجل بل بالعكس حاولت الابتعاد عن هذه النظرة النمطية النسوانية السهلة.
- اليوم.. ندوة حول “التحديات والفرص في صناعة السينما السعودية” بمهرجان القاهرة
- اليوم.. ندوة “أيام صناعة السينما للشباب” بمهرجان القاهرة السينمائي
- بدء فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي
- تجربة صيد حقيقية على الموبايل تقدمها لعبة Monster Hunter Outlanders من إنتاج TiMi Studio Group و Copcom
- فيلماً إيرانياً يمثل ألمانيا في أوسكار 2025
ويظهر هذا في تكوين شخصية حبيب سعاد الذي نظن في البداية أن المخرجة ستُحَمِّلُه تبعات ومسؤولية ما جرى لسعاد لكن مع تقدم لحظات الفيلم تُخيب المخرجة بشكل إيجابي أفق انتظارنا حيث يظهر اشتغالها الكبير على هذه الشخصية بالخصوص لتبدو لنا بالتدريج جوانبها الإنسانية وتناقضاتها ودوافعها النفسية وحيرتها في اتخاذ مواقفها لنتعاطف معها أيضا كما تعاطفنا مع سعاد في بداية الفيلم أو على الأقل لا نصدر اتجاهها مواقف سلبية ونحملها تبعات ما وقع.
وانطلاقا من هذا تبدو سعاد ضحية لتقاليد المجتمع المتخلف ولرواسب الكبت المترسخة كما الكلس طبقات فوق بعضها منذ آلاف السنين، والتي لا نشاهد تمردا عليها سوى أثناء لحظات البهجة التي تسرقها الفتيات وهن مجتمعات في خلواتهن مع بعضهن في غفلة عن عيون الرقباء.
أخرجت أيتن أمين فيلمها الروائي الطويل الأول “فيلا 69 ” سنة 2013، وذلك بعد أفلام قصيرة أهمها “رجلها”… وقد حاولت المخرجة في فيلمها هذا الثورة على فكرة “الحدوثة”، مركزة اهتمامها على طبيعة الشخصيات المختلفة الطبائع والأهواء والأعمار والتي تلتقي في فيلا واسعة بحي راق حيث تدور كل أحداث الفيلم.
وحيث كانت تقيم الشخصية الرئيسية (حسين) منعزلة عن العالم في انتظار موتها المحقق، لكن قدوم هاته الشخوص سيغير بالتدريج من نظرة حسين للواقع، ويجعله في آخر مشهد من الفيلم يقرر الخروج من عزلته إلى العالم والناس.
ويعد “سعاد” فيلمها الروائي الطويل الثاني، بعد فيلم “الطيب، الشرس، والسياسي” الذي ضم ثلاثة أفلام قصيرة، إذ أخرجت هي فيلم “الشرس” والذي يدور حول أحدا الثورة المصرية في الفترة ما بين 25 يناير إلى 11 فبراير.