قواعد “جراموش” الذهبية لنجاح المهتمين بالعمل في السينما
عمر صلاح مرعي
عندماطلب من جيم جارموش " رائد السينما المستقلة " كتابة خمس قواعد ذهبية تساعد على النجاح للمهتمين والمهتمات بالتأليف والإخراج والعمل في السينما، قام جارموش بتدوين هذه القواعد الي ينطبق عليها كل شأن فني وخصوصاً السينمائي:
القاعدة الاولي:
لا توجد قواعد. حين يتعلق الأمر بصناعة الفن، لا يوجد مبادئ ثابتة وخطوات محددة لأن هناك العديد من الطرق المختلفة التي من خلالها يبني المبدعون الثقة بأنفسهم حتى يحققوا أهدافهم. الفيلم ليس جنساً فنياً ثابتاً وإنما شكل فني مفتوح دائما.
وعلي المستوي الشخصي، ليس من طبعي أن أمًلي علي البشر ما يفعلون وكيف يفعلون ما يريدون، ولن اقوم ابدا بفرض الوصاية على أحد. حتى إنني أنفر من أولئك الذين يختارون لك افكارك ودينك وطريق نجاتك هم في الواقع يقومون بدفعك للضفة الاخرى بعيداً عن الاستقلالية الذاتية القيام بتدوين " قواعد ذهبية " لأي شأن يتعارض من فلسفتي الشخصية.
إذن تجاهل مفردة " القواعد " التي ستقرأها الآن في بداية كل نص، وبالمقابل اعتبر ما كتب هنا مجرد " ملاحظات " خاصة أكتبها أنا لنفسي. بناءً على المبدأ الذي يقول إذا اراد اي شخص ان ينجز أي عمل فيجب عليه أن يبدأ بنفسه بوضع عدة ملاحظات تساعده على عبور الطريق دون توقف. وإذا قال لك أحدهم " هنالك طريقة واحدة للوصول وهي باتباع طريقتي انا وحدي " فاهرب بجلدك وبعقلك وبجسدك بعيدا جدا عنه.
القاعدة الثانية:
لا تدع الاوغاد يمتلكونك؛ خياراتهم إما مساعدتك أو عدم مساعدتك ولكن لا يستطيعون إيقافك عن تحقيق طموحاتك. إن الاشخاص الذين يقومون بتمويل الافلام وتوزيع الأفلام، والترويج الدعائي للأفلام، وعرض الأفلام ليسوا صناع الأفلام. وفي كل الأحوال هؤلاء لن يتركوا لصناع الفيلم حرية التدخل في أعمالهم كالتمويل والنشر والتوزيع والعرض والبيع بالتالي لا تجعلهم يتدخلون في أعمالك لكيلا يسيطروا على القالب الفني الذي تختاره أنت وتريد من خلاله انجاز فيلمك. إذا تطلب الأمر وشعرت بالخوف احمل معك سلاحا مسدسا فقط لأجل الشعور بالأمان.
أيضا تجنب السيكوباثيين قدر المستطاع. هنالك العديد من الأشخاص الذين يدخلون هذا المجال لأجل اشباع رغباتهم المالية والجنسية مع الطمع في الأضواء والشهرة. بالمًجمل هم لا يفقهون شيئاً حول الفن والتذوق السينمائي، ومعرفتهم بكيفية إنجاز الفيلم السينمائي معدومة، كمعرفة الرئيس جورج دبليو بوش في فنون القتال اليدوية وفنون مبارزة السيوف.
القاعدة الثالثة:
الهدف من مرحلة ما بعد الإنتاج (مرحلة ما بعد التصوير واكتمال الفيلم) هو خدمة الفيلم وليس العكس، أي ليس الهدف من الفيلم خدمة التسويق أو أي شيء آخر. للأسف عالم صناعة الأفلام هو عالم عكسي فيجب النظر لكثير من الأمور نظرة عكسية لتتضح لك الأهداف الرئيسية والأولويات. ليس الهدف من الفيلم خدمة الميزانية المالية، وخدمة الميزانية المالية وخدمة جدول التصوير وخدمة السير الذاتية التي ستكتب عن جميع أفراد الكادر.
إن كان صانع الفيلم لا يستطيع فهم هذه الملاحظة فيجب إذاً قدميه وربطها بوتدٍ عال لينظر إلى الأرض وهو معلق بالمقلوب.
القاعدة الرابعة:
صناعة الفيلم عمل جماعي مشترك وليس عملاً فردياً. ستعمل مع عقول أخري غير عقلك وبعضهم ربما يقترح عليك فكرة مؤثرة؛ اجعل نفسك مفتوحاً على التغيير والتعديل والتطوير والإضافة. أخلق بيئة مفتوحة للإبداع ولكن بحدود. يجب عليك القيام والمساواة واحترام جميع أفراد الطاقم دون تمييز والاقتناع المطلق بأهمية الجميع.
وتذكر جيداً بأن لكل فرد وظيفة خاصة وعملاً محدداً لا يستطيع أي شخص آخر القيام به، وإلا ستعم الفوضى.
مثلا مساعد الإنتاج الذي يقوم بالتأكيد من خلو الشارع قبل بدء التصوير ويتأكد من نظافة المكان لا يقل اهمية عن الممثل الموجود امام الكاميرا ومدير التصوير لا يقل اهمية مشرف مواقع التصوير او حتى يقل اهمية عن المخرج.
مهزلة التسلسل الهرمي الوظيفي – أي تفضيل أفراد طاقم العمل علي حسب مهنهم – مبدأ لأصحاب النفوس الضعيفة وللذين يعانون الغرور نتيجة تضخم الأنا لوصولها لدرجة يصعب السيطرة عليها. التسلسل الهرمي الوظيفي ينفع في الجيش وانظمة العمل العسكري فقط. إذا أحسنت التعاون مع أفراد الكادر الذين اخترتهم لإتمام الفيلم سيحسن ذلك من جودة الفيلم، وسيقفز بمستوى الفيلم للأفضل ولنتيجة أروع بكثير من التي كنت تتصورها قبل الشروع في العمل على صناعة الفيلم.
أما إن كنت لا ترغب في التعاون مع أفراد طاقم العمل فمن الأفضل أن تبحث عن عمل فردي تقوم به قم برسم لوحة فنية أو قم بتأليف كتاب. اما إذا اردت ان تكون ديكتاتوراً أحمق فابتعد عن السينما والفن واتجه للسياسة خصوصا وان المجال السياسي مفتوح للجميع هذه الأيام.
القاعدة الخامسة:
لا يوجد شيء مًبتكر من العدم كل عمل فني نتيجة لتطورات عديدة من أعمال سبقته، لذلك يجب ان تسرق من أي شيء يلهمك ويحفز خيالاتك. افترس الافلام القديمة وافترس الافلام الجديدة وافترس الموسيقي والتهم الكتب والتهم اللوحات الفنية والصور والأشعار والأحلام والأحاديث العفوية والتحف المعمارية والجسور ولافتات الشوارع والأشجار والغيوم البحيرات والنور والظل اختر منها فقط الأشياء التي تتخاطب من روحك مباشرةً. وإذا فعلت هذا، فستكون أعمالك – سرقاتك – أصلية فعلا.
الأصالة لا تقدر بثمن، بينما الابتكار الجديد ليس موجوداً في الفن. ولذلك يجب عليك ان لا تزعج نفسك بإخفاء آثار سرقتك بل يجب عليك ان تحتفل بها وان شعرت بحاجة لذلك. وفي كل الأحوال تذكر دائما هذا الاقتباس من المخرج الفرنسي جان لوك جودار " لا يهم من أين أتيت بالأشياء، المهم هو الي أين تأخذهم. "
المصدر
مقال " Things I’ve Learned : By jim jarmusch "
#سينما #مقالات #نصائح #چيم_جارموش
Image may contain: 1 person, closeup