كباتن الزعتري.. أهلا بك في إعلان أكاديمية”أسباير”
مصطفى الكيلاني
لم أتعاطف مع بطلي “كباتن الزعتري” فوزي قطيش ومحمود، تلك الجملة كانت ترن في أذني بعد خروجي من قاعة البلازا بعد عرض الفيلم في مهرجان الجونة السينمائي 2021، فالفيلم انتهى بالنسبة لي على أنه إعلان لأكاديمية أسباير لكرة القدم في قطر.
بدأ الفيلم بلقطات لأطفال يمررون كرة قدم بينهم في ممرات مخيم الزعتري للاجئين السوريين بالأردن، و”تنطيط” للكرة بينهم، ذكرتني بإعلانات المشروبات الغازية التي تذاع في فواصل مباريات كأس العالم، ونجد بها لاعبين مشاهير يمررون الكرة بينهم ويستعرضون مهاراتهم في أحياء البرازيل الفقيرة.
لم تختلف اللقطات الأولى للفيلم عن تلك الإعلانات نهائيا، بل أكاد أجزم أنها منقولة منها تماما، نفس حركة الكاميرا، ونفس مواجهة الكاميرا للشمس وبينهم اللاعب يداعب الكرة، وتلك المشاهد الأولى وضعت في ذهني التوجه الإعلاني للفيلم.
الفيلم الوثائقي “كباتن الزعتري” الذي يراقب حياة الشابين فوزي ومحمود، وحبهما لكرة القدم وأزمة تواجدهما كلاجئين في المخيم، وتفاصيل حياتهما الصعبة، التي شاركهما فيها المنتج والمخرج على العربي لـ6 سنوات، لم يقدم لي المخرج المبرر لتعاطفي كمشاهد معهما، رغم قسوة الحياة في المخيم، ورغم مروره البسيط على قصة حب محمود، وعلاقة فوزي بأخته الصغيرة، وغياب والده الذي هرب من المخيم، لكن كل ذلك لم يكن سوى وجهة نظر ظاهرية للمخرج.
الأزمة الوحيدة التي قدمها لي علي العربي، هي في اختيار فريق أكاديمية إنسباير القطرية لكرة القدم لمحمود وتركه لفوزي، لشرط السن، رغم أن فارق العمر بينهما عام واحد، عايشت كمشاهد أزمة فوزي وعصبيته وفقدان أمله في لعب كرة القدم، ثم تم حل الأزمة بزيارة أخرى من فريق الأكاديمية للمخيم، واختيار الأخير للتدريب في الأكاديمية، مع طفل موهوب كرويا، أصغر في السن من أبناء المخيم.
تكرار اللقطات “الدعائية” لمبنى الأكاديمية، ومشاهد التدريبات واستمتاع الشابين بالشواطئ، وتذكير مدربهم بأنهم فاشلون، ولا يتذكرون الخير الذي قدمته لهم الأكاديمية، بعد خسارتهم إحدى المباريات، مع التركيز على علم ما يسمى “الجيش السوري الحر” قبل دخولهم مصعد الأكاديمية، كل ذلك دعم لدي وجهة النظر التي لم يحاول أن يخفها الفيلم، أو أن يقدم خلف.
غرق الفيلم ومخرجه في نظرته الدعائية، ليس حتى لأزمة الشابين في المخيم، ولا حتى الأزمات الحقيقية لوجودهم كلاجئين في بلد آخر، ولكن في الأكاديمية الكروية التي غيرت مسار حياتيهما وجعلتهما يرتديان ملابس فخمة، ويعيشان في الأبهة الأكاديمية.
فيلم “كباتن الزعتري”، قدم صورة رائعة، أدراها المخرج علي العربي ومدير تصويره محمود الشيشيني بشكل جيد، اعتمد المخرج على اللقطات المقربة لإظهار مشاعر الشابين القليلة في الفيلم، ونقل مشاهد كرة القدم باحترافية شديدة، فيما لم يقدم مونتاج منة الشيشيني الإيقاع المطلوب لفيلم من تلك النوعية، وغلبت اختيارات المخرج الدعائية على المشاعر.
الفيلم عرض بمهرجان الجونة بعد عرضه في أكثر من 70 مهرجان دولي أهمهم كان عرضه الأول في صاندانس السينمائي.