سينما سعودية لا تبدأ من الصفر
صفاء الليثي
بدأ تعرفي على سينما سعودية مع أفلام المخرجة هيفاء المنصور التي عرضت فيلمها ” نساء بلا ظل” بمهرجان الإسماعيلية والذي يتناول الحياة الخفية للنساء في الدول العربية في الخليج العربي، فيلما وثائقيا جيدا فكانت بداية تشبه بداية فن السينما نفسه الذي بدأ بتسجيل ما يحدث أمام الكاميرا.
تطور عملها فقدمت فيلمين مهمين عرضا في المهرجانات الكبرى ولفت إليها الأنظار، فيلمها وجدة في أسلوب ذكرني بالسينما الإيرانية التي تهتم ببطولة الأطفال واليافعين، واقعي ونسوي يعبر عن بيئتها دون تكلف بعيد كل البعد عن السينمات الجماهيرية الأمريكية والهندية والمصرية، عُرض عالميا لأول مرة في دورة 2012 من مهرجان فينيسيا السينمائي، وكان الفيلم أول فيلم طويل يتم تصويره بالكامل في المملكة العربية السعودية وبالضبط في العاصمة الرياض
مؤخرا شاهدنا أفلاما سعودية حديثة لآخرين آخر ما شاهدته منها فيلم ” كيان” يصنف بأنه فيلم رعب، يقوم فيه ممثلان سعوديان هما أيمن المطهر وسمر ششة بدوري البطولة مع طفلة رضيعة وباقي الشخصيات تظهر كمصريين يتحدثون اللهجة المصرية والفيلم إنتاج مشترك سعودي مصري أقرب لفيلم قصير لمخرج في خطواته الأولى.
لم يسع الفيلم إلى التجديد بل قدم قصة معروفة عن الرعب في ليلة فندقية ويتبين أنه كان كابوسا للبطل. بساطة الفيلم تؤكد أن رغبة المخرج الأولى أن يدلي بدلوه في تقديم سينما تعبر عن السعوديين الذين يظهرون كما الواقع الآن بملابس عصرية بعيدا عن الزي الوطني الجلباب والعقال، لا جمال خاص في الفيلم ولا اضطهاد للمرأة ولا أي نوع من التنميط المرتبط بصورة ذهنية – ثبت عدم صحتها – عن بلد الرسول حيث مكة المكرمة والمدينة المنورة.
كلمة كيان هي عنوان الفيلم وهو لفظ نستخدمه إشارة إلى إسرائيل حيث يقول الكثيرون عنها (الكيان الصهيوني) بما يفهم منه أنه لفظ مبهم لا يعني معنى محدد، لا دولة ولا وطن، قبل أن ألجأ للقاموس لتحديد معنى كيان جاء الشرح على لسان موظف الاستقبال بالفندق/ الممثل المصري هشام الشاذلي الذي يشرح للبطلة عن الأسرار التي لها روح وجسد، لها كيان، لشرح حقيقة ما يظهر لها ولزوجها من تهيؤات فيأتي شرحه لها وللمشاهدين أيضا.
في رواية الكاتب والأديب سعد القرش (2067) استخدام آخر مبهم للفظ الكيان واصفا به مكان ما، بل إن بعض الناس أصبحوا يطلقونه على مولودتهم الصغيرة، ونجم كرة القدم محمد صلاح ابنته الكبرى تسمى مكة والثانية سماها كيان، في عناوين الفيلم اسم مكة لطفلة بين الممثلين وكيان عنوان الفيلم الذي يعني طبقا لمخرجه وصانعه الجسد والروح معا.
وهذا التفسير يضعنا أمام جانب من ثقافة البلد المنتج للفيلم، ثقافة تهتم باللغة العربية وتهتم بتحديد معانيها، بين أسماء وتعبيرات غير مغرقة في عامية أي من السعودية أو مصر بل جاءت لغة الحوار أقرب إلى فصحى مبسطة بحيث يمكن تلقي الفيلم وفهمه من الشعبين ومن غالبية الشعوب العربية. مخرج الفيلم ومؤلفه حكيم جمعة، صور الفيلم باستديوهات قناة ام بي سي وشاركها الإنتاج فيلم كلينك محمد حفظي، ليكون الفيلم واحد من إنتاجات مشتركة بين مصر والسعودية لتنشيط حركة صناعة السينما في المملكة العربية السعودية.