حسين روماني
أفرجت منصة تلفزيون أبو ظبي “ADTV” مؤخراً عن الجزء الأول من مسلسل «احتمال»، والذي بقي محبوساً، عقب انتاجه نهاية 2022، ودون الخوض في المعوقات التي أخّرت تسويق العمل فنحن أمام فرصة عرضٍ جيدة لتجربة سورية محلية الصنع لكنها بروح تلفزيون هوليوود أمريكا.
الورق الذي كتبه نعيم وتمام زليق ثم شاركهم في صياغته كسيناريو الأمريكي “جاستن كونراد” حمل عنواناً صبّ في قلب القصة وأبطالها.
فنرى “جميل” (هافال حمدي) مدرس الرياضيات الذي يعطي تلاميذه دروساً في الاحتمالات يقف أمام احتمال يغير حياته هو وطالبه “غازي” (ميخائيل صليبي)، تجتمع المهارة مع الحدس لمعرفة أسرار دواليب الحظ “اليانصيب”.
فتبدأ المغامرة أمام دكان “أبو عبدو” (أيمن بهنسي) الذي يقودهم نحو مختار اليانصيب في مؤسسة البريد “أبو سمير” (حسين عباس) وبعد محاولات عديدة تفتح مغارة علي بابا وتنهال عليهم الجوائز الكبرى، فيذوقان طعم الغنى ويصبح بمقدور “جميل” دفع تكاليف عملية زرع كلية لوالدته (صباح السالم) في بيروت كي تهرب مع أخته “ياسمين” (مرح حجاز) الموت نحو الحياة.
لكن الأمر مختلف عند “غازي” الذي ألقى والده السكّير (غسان عزب) من السفينة كقربان للموت نحو بحر من المشروبات الكحولية، وأكمل بوالدته (رنا جمول) إلى بَرِّ الأمان.
تعود القصة نحو “جميل” الذي يناديه الإعجاب دائماً بصوت “سارة” (دلع نادر) لكن الحب يدخل إلى بيته عبر “ليلى” (راما زين العابدين)، ومع احساسه بالاستقرار يظهر “فاتشيه هاغوبيان” (فايز قزق) الذي يعلم سرّه ويفاوضه على خوض تحدٍ إن كسبه يصبح ثرياً للأبد وإن خسره فليس له سوى الموت.
هنا يبدأ مدرس الرياضيات سباقه مع الزمن عبر العديد من الألعاب المليئة بالأخطار، فيتوهم أنه انتصر على هذا العدو المفاجئ عبر تسميمه، لكنه يرى الحقيقة حينما يعود إلى بيته المسروق ويخبره جاره الذي ظنّ أنه أعمى (هشام كفارنه) بأن “ليلى” التي أحبها كـ”قيس” هي “منى” ابنة “أبو عبدو” سرقت أمواله وهربت بها نحو مكان بعيد، فيغادر هو الآخر دمشق قاصداً بيروت للاستقرار فيها، وتنتهي أحداث الجزء الأول بكلمة “يتبع” بعد صوت طرق الباب وضحكة “فاتشيه”.
نص مسلسل «احتمال» الذي تعرض الجزء الأول منه منصة تلفزيون أبو ظبي ADTV والذي قرأه المخرج الأمريكي السوري الأصل سليم سموع، دفع به نحو النزول إلى سوريا مع مواطنه وزميله مدير التصوير ليعملوا معاً كفريق بجانب زملائهم السوريين، يخبرنا وهو لا يزال في بداياته عن التحضيرات التي أخذت من وقته 6 أشهر لدراسة المسلسل، وعن المعدات وعدسات التصوير التي جلبها معه ليحقق الرؤية المرسومة في ذهنه.
موضوعات عدّة كان أبرزها لذّة الربح، حب المال وصناعة الحظ، وقفت بجانب معاناة أبطال القصة من الفقر فكانت هذه نقطة انطلاقهم نحو أحداث الحكاية، التي سارت بشكل منطقي حتى لحظة دخول الطرف الآخر “فاتشيه” الصراع بقوته وشرّه المستطرد.
أما على صعيد الصورة فالأحداث المتقلبة بين الواقع والخيال خاصةً مشاهد الحلم واللعب نجحت إلى حد كبير في إشباع التفاصيل المبنية على أساس التشويق والإثارة والعناصر البصرية المشتقّة من روح صنّاع العمل، على الرغم من أن هنالك لحظات كانت ناقصة ولم تكتمل بشكل منطقي للمشهد.
مساحات مختلفة توزّعت على أبطال العمل، أكبرها كان لهافال حمدي الذي استغلّ المساحة لصنع شخصية مختلفة عما قدم، أبدع القدير فايز قزق في حياكة الشر فصنع بكل إتقان خصوصية “فاتشيه”، رأينا الشكل مميزاً لدى ميخائيل صليبي وهو طالب في المرحلة الثانوية، والأدوات مركزة في ملامح الوجه ونبرة الصوت لدى مرح حجاز وهي ترد في كل مرة على الاتصال ذاته وتجيب على الأسئلة نفسها ولم تتجاوز بهو المستشفى، في حين خانت النغمة الواحدة أداء راما زين العابدين.
7 حلقات ونهاية مفتوحة في بيروت، خيار وضعنا أمام الكثير من الفرضيات حول الجزء الثاني، فهل من الممكن أن يأخذ الحكاية من الدراما المحلية إلى الدراما المشتركة ذات الصيت الواسع بالتسويق وفرص العرض، أم أنه مجرد احتمال؟
