مهرجان الإسماعيلية.. وزارة الثقافة تحارب نفسها
مصطفى الكيلاني
لا يمكن أن تتابع حال المهرجانات في مصر، وتفصلها عن علاقتها بوزارة الثقافة، فالوزارة هي الداعم الأول للمهرجانات، وهي التي تقدم بعض أجهزة العرض، مع مشاركة موظفيها أصحاب الخبرة في إدارات النقل والتسكين والعروض وغيرها، وتستضيف بعض منشآت الوزارة عروض وفعاليات المهرجانات.
والوزارة رغم أنها تقدم كل ذلك للمهرجانات، وهي فعليا من تدير اللجنة العليا للمهرجانات، لكنها لا تملك سلطة رقابة عليها، ولكن موظفوها يملكون كل السلطة، بداية من التأثير على العروض وجودتها وانتظام مواعيدها، وحتى درجة تكييف القاعات التي تتبع الوزارة.
السؤال هنا حول مهرجان الإسماعيلية الذي تقيمه وزارة الثقافة نفسها عن طريق المركز القومي للسينما التابع لها، هل من الممكن أن يحاربه موظفوها؟ والإجابة نعم، بداية من تفصيلة بسيطة لا يدركها سوى مسؤولي القاعات، حيث تدخل قاعة العرض الرئيسية بقصر الثقافة وتجد نفسك داخل ثلاجة حرفيا، فتشاهد عدة أفلام وعندما تصل لدرجة التخشب تخرج منها منهك تماما ولا تستطيع المتابعة.
ثم تخيل عزيزي القارئ أن قصر الثقافة الذي تم تحديثه مؤخرا لا يوجد به سوى ميكروفون واحد، فتجد في الندوات داخل القاعة الرئيسية أن مقدم الندوة، وضيفها، والمترجم، والمشاركين من الجمهور والصحفيين والنقاد، يتبادلون ذلك الميكروفون لكي يسمعهم الحضور، وكأن وزارة الثقافة بكل ميزانيتها ومعداتها عجزت عن توفير 3 ميكروفونات داخل واحدة من أكبر قاعاتها بالجمهورية.
وكان ذلك واضحا في ندوة رئيس لجنة التحكيم المخرج الفرنسي الكبير لادج لي صاحب رائعة “البؤساء” بحضور رئيس المهرجان ورئيس المركز القومي للسينما السيناريست زينب عزيز، وعدد كبير من السينمائيين والنقاد والصحفيين، فالمترجمة، والمخرج سعد هنداوي رئيس المهرجان، ولادج لي، على المسرح يتبادلون الحديث في ميكروفون واحد، والمعلقون في القاعة يجاهدون لتوصيل صوتهم أثناء مداخلاتهم، وكل ذلك ومديرة قصر الثقافة غير موجودة أصلا.
هل من الممكن أن تستمر الفعاليات بتلك الوتيرة، وهل من الممكن أن يصبح الشغل الشاغل لإدارة المهرجان هو حل المشكلات سواء التي يخلقونها بأنفسهم أو التي يقابلونها في طريقهم، أم المطلوب منهم هو الإبداع وتنمية ذلك المهرجان وتثمينه بأفكار جديدة ورؤية تقدمية.
الأزمات التي لا نتحرج في الحديث عنها قليلة، ولكن هناك الكثير مما نتحرج الآن في الحديث عنه، واللقاءات في الغرف المغلقة عن أشياء مسكوت عنها الآن قد يصبح لها دوي فيما بعد.. وكفى.