مهرجانات سينما

“عرق البلح” في افتتاح تطوان السينمائي.. وتكريم كريم عبدالعزيز ونيللي كريم

يحتضن المسرح الكبير لسينما "إسبانيول"، مساء اليوم السبت، افتتاح الدورة الـ25 من مهرجان تطوان لسينما البحر المتوسط، بينما سيعرض فيلم "عرق البلح" للمخرج المصري الراحل رضوان الكاشف، في نهاية الحفل، بحضور عشاق السينما المتوسطية، من 22 بلدا، يلتقون في هذا العرس السينمائي الذي يتجدد كل ربيع.

أفلام سبق تتويجها في المهرجان

تم اختيار "عرق البلح" في هذه الدورة الاحتفالية، باعتباره الفيلم الفائز بأول جائزة في تاريخ المهرجان، منذ انطلاق مسابقته الرسمية للأفلام، سنة 1999.

كما سيتم اختيار 7 أفلام مغربية من الأفلام التي سبق لها أن توجت بجوائز المهرجان، ضمن فقرة "استعادة"، وهي فيلم "ذاكرة معتقلة" لجيلالي فرحاتي، و"القلوب المحترقة" لأحمد المعنوني، و"زمن الرفاق" لمحمد الشريف الطريبق، و"المنسيون" لحسن بنجلون، و"موت للبيع″ لفوزي بنسعيدي، والفيلم الوثائقي "منزل في الحقول" لطالا حديد.

السينما الفلسطينية ضيفة الدورة

سيتم تكريم السينما الفلسطينية، التي تحل ضيفة على هذه الدورة، بعرض مجموعة من الأفلام الفلسطينية، التي أخرجت على مدى 50 سنة، منذ فيلم "زهرة المدائن" لعلي الصيام، وفيلم "فلسطين في العين"، لمصطفى أبوعلي، و"النداء الملح" و"ذكريات ونار" لإسماعيل شموط، و"الهوية الفلسطينية" لقاسم حول، كما سيتم عرض مجموعة من الأفلام الفلسطينية الجديدة، من بينها فيلم "مفك" لبسام الجرباوي، وهو من إنتاج 2018، وفيلم "فيلا توما" لسهى عراف، من إنتاج 2014، والفيلم التسجيلي "عمواس″ لديمة أبوغوش، من إنتاج سنة 2017، والفيلم التسجيلي "رحلة في الرحيل" لهند الشوفاني، إنتاج 2015.

إلى جانب عرض 5 أفلام قصيرة أنتجت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، هي "بونبونة" لركان مياسي، و"الماسورة" لسامي زعرور، و"منطقة ج" لصلاح أبونعمة، و"الببغاء" لدارين سلام، و"قوت الحمام" لبهاء أبوشنب.

ويحتفي مهرجان تطوان بفلسطين وسينمائييها في هذه الدورة الفضية الاستثنائية، وسيقام لقاء فكري ونقدي بمشاركة المخرج والمنتج الفلسطيني مؤيد عليان والشاعر والمخرجة والمنتجة الفلسطينية ديمة أبوغوش والمخرج والممثل الفلسطيني رمزي المقدسي والكاتب المغربي ياسين عدنان، وتقدم اللقاء السينمائية والباحثة سامية عبيدي حنفي.

خفقة قلب

ضمن فقرة "خفقة قلب" سيتم عرض أربعة من الأفلام السينمائية التي أثارت اهتمام النقاد وجمهور السينما في المنطقة المتوسطية والعربية، وهي "رحلة حول غرفة الأمل" للمخرجة الإسبانية سيليا ريكو كلافيينو، و"ورد مسموم" للمصري أحمد فوزي صالح، و"في عينيا" للمخرج التونسي نجيب بلقاضي، وهي أفلام من إنتاج سنة 2018، وفيلم "معركة الجزائر" للمخرج الجزائري مالك بن سماعيل، من إنتاج سنة 2017.

مكرمو الدورة

إلى جانب تكريم الممثل المغربي محمد الشوبي في حفل الافتتاح، والممثلة المصرية نيللي كريم والمخرج الإسباني لويس منيارو وضيف الشرف الممثل المصري كريم عبدالعزيز في حفل الاختتام، فضلا عن المسابقة الرسمية للفيلم الروائي الطويل والفيلم الوثائقي، تشهد الدورة تنظيم برنامج ثقافي عريض، يبدأ بتنظيم لقاءات ونقاشات حول الأفلام المعروضة، ولقاءات مفتوحة مع المكرمين وضيوف الدورة.

السينما بصيغة المؤنث

تناقش الندوة الكبرى للمهرجان موضوع "السينما المتوسطية بصيغة المؤنث"، بمشاركة الخبيرة الفرنسية بريجيت رولي، والجامعية الإسبانية ديليا بارا، والسينمائية والأنثروبولوجية السويسرية ألتين مولتو ساراي، والناقد الفني المغربي موليم العروسي، ويدير الندوة الناقد المغربي شرف الدين ماجدولين.

وبحسب ورقة الندوة التي أعدها أصدقاء السينما في تطوان، فإن الفن السابع وإن كان فنا شعبيا يفتح أبوابَه لكل الجنسين، فهو "ما زال خاضعا لهيمنة الرجال، لا يمنح المرأةَ نفس حظوظ الرجل، خالقا بذلك التربة المناسبة لتناسُل الأفكار النّمطية وترسُّخها في الأذهان والعقليات، بل ويعمل على خلق نماذج ذكورية باعتبارها الأكمل والأمثل".

تضيف الورقة، كما لا يزال المسؤولون عن القطاع، وكلهم رجال! "يقتفون آثار أسلافهم الذكور في هوليوود سنوات الخمسينات والستينات، حيث كانت كبرى الشركات السينمائية تغلق أبوابها في وجه كل النساء اللائي يرغبن في خوض غمار الإخراج السينمائي، والمعاملة نفسها كانت من نصيب الممثلات اللواتي كان عليهنّ أن يقنْعن، رغم موهبتهنّ الكبيرة، بأدوار ثانوية، بينما تُسنَد أدوار البطولة طبعا، ومعها الأجور السخيَّة، للرجال/الأبطال الخارقين".

وإلى حدود اليوم، ورغم التقدم الملحوظ على مستوى الكفاح من أجل إقرار الإنصاف في الحقوق، فإن الفوارق بين الرجال والنساء  تظل صارخة، ولا تزال المخرجات يواجهن صعوبات جمّة لفرض أنفسهنّ في وسط ذكوري بامتياز، واقع لم تتمكن السينما المتوسطية هي الأخرى من الإفلات منه مثل هذه.

وفي سياقه، تطرح الندوة على المشاركين فيها وعلى جمهور السينما المتوسطية، مجموعة من التساؤلات، عما إذا كانت السينما ترسخ فكرة التفاوت بين الجنسين، وعن مكانة النساء في السينما في المستقبل، وكيف يمكن تدارك هذه الفوارق الصارخة بين النساء والرجال في الميدان السينمائي؟ وماذا عن الاستراتيجيات والمقترحات بخصوص تغيير الوضع السينمائي القائم؟ وهل هنالك نقص في الكفاءات النسائية في مجال السينما؟ وكيف يمكن تفسير انعدام الاعتراف بالكفاءات السينمائية النسائية؟ ثم هل يمكن الحديث عن سينما المرأة، وأي حلول، في هذه الحالة، لتعزيز دعم وتوزيع سينما المخرجات المتوسطيات؟

السينفيليا المتوسطية

يعقد المهرجان مائدة مستديرة يناقش فيها السينمائيون موضوع "السينفيليا في الفضاء المتوسطي"، باعتبارها انجذابا إلى السينما، ثم عشقا لها وشغفا بها، وفي مرحلة موالية، يتحوّل هذا الولع بالسينما إلى انصراف "السينفيلي" نحو "تحليل المنتوجات الفيلمية وإصدار الأحكام ورصد الانتظارات والتوقعات والتفاعلات التي تثيرها هذه المنتوجات، والتي قد تتقارب فتشكل جزءا من المشترك بين أفراد مجتمع ما".

من هنا، تتمثل السينفيليا، حسب أصدقاء السينما، في القدرة على الاختيار واعتماد معايير للتمييز، مؤكدة على أن "الفرجة السينمائية هي من مستلزمات مجتمع حداثي أو يطمح إلى أن يصبح كذلك". وهو ما يؤدي إلى القيام بدور "الوساطة بين الإنتاجات السينمائية وبين من يفترض فيهم أنهم قد شاهدوها أو عليهم مشاهدتها أو إعادة مشاهدتها، وهو ما يفرض على السينفيلي أن يكون قد استمتع بما شاهد وأن يكون قد تفاعل مع ما عرض أمامه ليحاول بعد ذلك نقل ذلك الإحساس بالمتعة إلى الآخرين ليحاول إدهاشهم بخلاصاته وفك شفرات العمل حتى يبرهن أن ما كل المقاربات تتشابه وما كل الأعمال الفنية تتشابه، كما يريد أن يوهمنا بذلك نقد شكلاني بارد".

كما استحضرت الورقة سياقا آخر تتدخل فيه السينفيليا بشكل أساس، وهو سياق المهرجانات السينمائية ببرمجتها التي توجه وتؤطر وتدافع ضمنيا عن توجهات فنية أو القنوات المتخصصة التي تجعل الأفلام متاحة لمن يرغب فيها.

وتنتهي ورقة الندوة إلى أنه لا يمكن تصوّر حركة سينفيلية مؤثرة دون وجود خزانات سينمائية تحفظ الأرشيف السينمائي لبلد ما وترمم الأفلام التي تستوجب الترميم وقاعات عرض تجريبية متخصصة تحاور المستقبل والجرأة الفنية، ومساهمات دور النشر والمجلات المتخصصة، فالسينفليا هي مشاهدة ونقد وتفكير في الفن والحياة وكذلك نمط عيش.

من هنا، تتساءل هذه المائدة المستديرة عن التحولات التي عرفتها الحركة السينفيلية عبر العالم وفي المغرب؟ وعن كيف يدبر السينفيليون وفرة الأفلام المتاحة بعد أن كانوا يدبرون ندرتها؟ وما تأثير وسائط التواصل الاجتماعي والقنوات المتخصصة -نيتفليكس نموذجا- والقرصنة، وكذلك المهرجانات السينمائية على الحركة السينفيلية؟ ثم ما هي الأبعاد الفكرية والسياسية للحركة السينفيلية اليوم؟ وهل ينبغي الإقرار بأن السينفيليا قد أصبح لها بعد فردي أمام ظاهرة اختفاء قاعات السينما وتراجع عدد مرتادي هذه القاعات؟

ويشارك في هذه المائدة المستديرة كل من الناقد والسينمائي الإيطالي ماسيمو ليشي والناقد الفرنسي آلان ماسون والناقد المغربي عبدالكريم الشيكر، ويسير أشغالها الناقد المغربي رشيد نعيم.

محاضرة وورشات

يواصل مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط برنامجه الثقافي والتربوي، بتنظيم سلسلة لقاءات وورشات تجمع صناع السينما المتوسطية ونجومها من مخرجين ونقاد وكتاب سيناريو وممثلين بشباب المدينة، وبتلاميذ المؤسسات التعليمية، في تطوان ومحيطها القروي.

أما محاضرة المهرجان لهذه الدورة، فيلقيها مستشار الدولة الفرنسي إيف غونان، في موضوع "تصنيف الأعمال السينمائية في فرنسا"، وبحسب المسؤول والخبير الفرنسي، تتساءل المحاضرة عن القواعد المتبعة في تصنيف الأفلام، وما هي القيود التي قد تصاحب استغلالها؟ وما هي المواضيع التي تركز عليها اللجنة في عملها: العنف، الجنس، تعاطي المخدرات والمواد السامة..؟ وهل ما زال هدف حماية الشباب يبرر وجود شرطة إدارية للسينما في فترة أصبح فيها كل شيء متاحا عبر الإنترنت؟

وضمن برنامج "في مدرسة المهرجان"، سيتم تنظيم عدد من الورشات من أجل تشجيع الشباب على الانفتاح على الثقافة السينمائية بمختلف جوانبها الفكرية والتقنية، حيث يخصص المهرجان في كل دورة من دوراته، حيزا كبيرا من برنامجه العام للتكوين والورشات، وللمحاضرات والدروس النظرية في مجال السينما، ليستفيد الجمهور الشاب، من تلاميذ وطلبة، من تأطير متميز يشرف عليه مهنيو السينما من المغرب ومن بلدان أخرى.

والهدف المتوخى، إلى جانب أهداف أخرى لا تقل أهمية، هو أن يستأنس الشباب باللغة السينمائية وأن يتمرسوا على مقاربة الصورة السينمائية وأن يطلقوا العنان لخيالهم ومواهبهم، بما يجعل من مهرجان تطوان مدرسة كبرى من مدارس السينما في الفضاء المتوسطي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى