أسطورة أورفيوس بعين جان كوكتو
محمد اليسوف
جميع من في هذه الأرض قد يقع في غرامه حتى الموت، أنه اورفيه اسقاط سينمائي عظيم وسابق لعصره من ضمن الثلاثية الأورفيوسية التي قدمها "جان كوكتو" وتصوير سينمائي رهيب من "نيكولا هير".
تميل جميع مخلوقات الأرض الى عزف أورفيوس وغنائه وعندما تموت زوجته يذهب الى إله الجحيم كي يسرتجعها شرط ألا يرى وجهها مرة أخرى.
قدم لنا جان كوكتو اسقاط حديث عن الأسطورة حيث يسعى اورفيه (شاعر يسكن في باريس) البحث عن الغموض وفي يوم يصدف أميرة تتمثل في الموت (هكذا هي الاساطير اليونانية يتمثل الموت بوجه امرأة غامضة).
يدخلك جان كوكتو في دوامة تعطيك عشرات الخيارات هل هو يلاحق الموت أو الموت المتمثل بإمرأة هي التي تلاحقه وتراقبه أثناء نومه كل ليلة وتكون المرايا هي بوابة الى العالم الآخر حيث المرايا تعبر عن حقيقتنا التي إليها نعود ونستغني فيها عن حقيقتنا البشرية.
بينما أوربيز يساعد أورفيه في كل خطواته هل هي مهمته؟ أو هو الأخر قد وقع في غرام زوجته يوريدس.
تموت يوريدس فيساعد اوربيز اورفيوس للانتقال الى العالم الآخر لكي يستعيدها. وعلى طول ذلك الطريق حيث العقل والروح محملة بالذكريات الثقيلة.
يستدعي الجميع الى محكمة العالم الآخر حيث يعترف الأموات، تعترف أميرة الموت بعشقها لأورفيه وأوربيز بعشق يوريدس وبعدها يدور حوار في منتهى العمق والشاعرية بين من ينشد الخلود وبين من قد وقع في الحب ويدرك أن المعجزات لاتحدث إلا في عالم البشر الصغير.
أورفيوس هذا العصر فيلم قابل للدراسة ملحمي يحمل أفكارا لا تنتهي في علاقة الانسان مع نفسه وسعيه للخلود المطلق فالموت هنا ليس النهاية والعدم بل هو هنا لإِثارة الكثير من الاسئلة حول الوجود والحب والسعادة والرعب، الخوف لا يأتي من الموت بل من الحياة.
كوكتو هنا يجعلنا نقترب من الموت ليس كشبح مخيف بل كصديق وحبيب رائع مغر، وهو أي الموت بالنسبة لجان كوكتو قوي وشاب وقاهر وقادر على الاستمرار والخلود.