مريم قلوز: هدفي عرض الرقص المعاصر في السجون
هند سلامة
للعام الثاني على التوالي تواصل المصممة والمخرجة مريم قلوز نجاح تجربة الدورة الأولى من "أيام قرطاج الكريغرافية" ففي الدورة الثانية لهذا العام حرصت قلوز على إضافة المزيد من التنوع واتساع الرؤية في عروض المهرجان والتي واصلت بنفس شعار الدورة السابقة " لا رقص دون كرامة جسدية" عن مستقبل المهرجان وشعاره كان لقلوز هذا الحوار..
ما الذي يمثله لك شعار "لا رقص دون كرامة جسدية"؟
في إفتتاح الدورة الأولى العام الماضي كان يناسب اليوم العالمي لمناهضة التعذيب وفي خطاب سهرة الإفتتاح ذكرت اننا في تونس عشنا نوع من انتهاكات حرمة الجسد والحرية لمدة طويلة هذه الذاكرة موجودة في اجساد كل المواطنين ذاكرة جسد المواطن لا يمكن فصلها عن ذاكرة جسد الفنان الراقص، وهو فضاء لهذه الذاكرة الإجتماعية والسياسية ومن الناحية الأخرى في تونس احيانا يتعرض الراقص لبعض الصعوبات مثل ألا يتوفر له استوديو رقص أو امكانيات مادية للتمارين وممارسة حقه إذا لم نحترم كرامة جسد الراقص فإن الإبداع وحرية التعبير الفني ستصبح مشكلة فعندما نتحدث مع الراقصين الشبان نجد أن لديهم أزمات دائمة في مسألة التنقل والسفر هم لا يتمكنون من السفر لأسباب مثل التأشيرة يتعرضون لنوع من الإهانة من قبل المؤسسات لذلك أرى أن الفنان له حق التنقل بجسده وكل هذا يمس كرامة الجسد.
وهل كان للأمر علاقة بإضطهاد المرأة خاصة الممارسة لهذا النوع من الفن؟
له علاقة بالعنف بصفة عامة والهيمنة فمن يعنف يعتبر نفسه يمتلك هيمنة على الأخر، والهيمنة عادة ما تكون ذكورية وفي كل العالم هناك هيمنة ذكورية على جسد المرأة وخاصة جسد المرأة الفنانة هناك نوع من التحكم والسلطة على بدل الرقص مثلا لدينا قوانين مقيدة لشكل الملابس ثم حدثت في وقت ما الهمينة الإستعمارية من خلال النظرة الغربية على اجساد العرب الهيمنة الرأسمالية ومشكلة البروجوازية النسوية وحقوق المرأة لا يمكن فصلها عن صراع الطبقات العاملة.
هل واجهتي صعوبة في إقامة مهرجان للرقص المعاصر بتونس؟
المهرجان ليس فكرتي وإقامة مهرجان للرقص هذه تسمية رسمية من قبل وزارة الثقافة نفسها تم إقرار إنشاء مهرجان ممول من المال العام للدولة، ومنذ فترة التسعينيات كان يطالب المصممون دائما بضرورة إقامة مهرجانا لهم هناك الكثير من المهرجانات بالقطاع الخاص، لكن كنا نتسائل دائما لماذا هناك ايام قرطاج السينمائية، ايام قرطاج المسرحية، وأيام قرطاج الموسيقية، وليس لدينا أيام قرطاج الكريغرافية والعام الماضي تحقق الحلم الكبير لتثمين الإبداع التونسي وتثمين الإبداع حول العالم وهذه خطوة هامة.
هل حدثت تطورات ضمن فعاليات المهرجان هذه الدورة؟
كان لدي هدف في تقديم شيء جديد وأن تكون البرمجة راقية لدي تفكير ورؤية فنية ببنية اكاديمية وثقافية احببنا ان يرى الجمهور التونسي انه ليس مجرد تسلية أو هواية فقط، هو مهنة احتراف وحياة فهناك من ناضل لرفع مستوى هذا النوع من الفن.
ألم تري أن جمهور الرقص المعاصر نخبوي إلى حد كبير؟
لا اخشى النخبوية؛ وهو بالفعل جمهور نخبوي الى حد كبير لكن هناك من حضر وتمتع بالعروض فوجدت بعض العائلات في العرض المصري "بدون خسائر" كان هناك جمهور نخبوي وهناك اهل المهنة ولدي طموح خلال عشر سنوات قادمة أن يكون كل الجمهور نخبوي، لأنني اثق في جمهور تونس.
في رأيك كيف ترين الفرق بين حركة الرقص المعاصر في العالم العربي واوروبا؟
أزمة الرقص الحديث ممكن طرحها بأن الحداثة كونية بمعنى كل مكان له حداثة خاصة به من ناحية تاريخ الرقص المعاصر في اوروبا كان تواصل ثم انفصال عن البالية الكلاسكيي ثم نحن كشعوب بدأت تعيش نهاية الإستعمار أو نهاية جسد الهيمنة كان مهيمن علينا، وبالتالي لا نمتلك نفس تاريخ تكوين الجسد فنحن لدينا مشاكلنا الخاصة بنا وكذلك في أوروبا لديهم مشاكلهم الخاصة بهم ففي فرنسا كانت مشكلة التحرر الجنسي وحقوق المرأة ثار الشباب في السوربون ثورة يسارية هامة ونحن مازلنا خارجين من الإستعمار لذلك الرقص مرتبط بتاريخ أجساد أخرى وليس تاريخ العالم العربي لكن هذا لا يمنع أن هناك ابداع عربي هام.
هل مازال يعاني الرقص بشكل عام من محدودية جمهوره؟
من الستينيات كان لدينا الفرقة الوطنية للفنون الشعبية ثم تكون فريق باليه للرقص المعاصر في التسعينيات والباليه عادة كان عليه إقبالا كبيرا من الجمهور لأن الجمهور كان يحب إكتشاف هذا الفن الجديد لكن هذا يخص تونس العاصمة، لكنني حاليا أفكر في اللامركزية ولدينا خطة مستقبلية ان نخرج من تونس العاصمة ونسير للجهات ليس مجرد الإنتقال إليها فقط، بل كيف نستطيع عمل شبكة تواصل مع فنانين موجودين في الجهات يقترحوا علينا مشروع كامل يحمل منهجية وفكرة فنية.
ما الذي يعطلنا عن مواكبة حركة الرقص المعاصر في أوروبا؟
قانون الأخلاق الحميدة..أو بمعنى آخر علاقة الدولة بالجسد بصفة عامة ففي تونس مازال لدينا قوانين تمكن الدولة من الهيمنة على الجسد لدينا قوانين تمنع العلاقات المفتوحة والمساكنة دون زواج لدينا قوانين ضد المثلية الجنسية تقنن وتحجم حياة العامة وعلى سبيل المثال يوم الجمعة في تونس من غير المسموح شراء الكحول ما دامت الدولة مازالت متحكمة في الجسد فهناك قيود على الإبداع وعلى سبيل المثال أثناء برمجة المهرجان لابد أن نحرص ألا تتضمن العروض أجساد عارية لأن الجمهور سيرى اننا لا نحترمه بجانب أننا لا نريد عمل رقابة على العروض وبالتالي المسألة معقدة.
إذا كيف ترين دورة هذا العام؟
اشعر بالتفاؤل هناك نوع من التحرر من القيود على الإبداع كل يوم لدينا عرض او عرضين من الفنانين الشباب جاءوا من المغرب والجزائر ومصر اتمنى أن يصبح المهرجان شبكة تواصل كبيرة بين الفنانين العرب، هناك دعم جيد من الدولة ومساعدة ومسااندة للإبداع دعم للرقص والموسيقى وان يكون هناك مهرجانا للرقص المعاصر هو نواع من الإعتراف الحقيقي بمهنة الرقص.
هل لديك خطط مستقبلية لتطوير المهرجان؟
شعرت بإقبال كبير هذا العام من الجمهور والتواصل معه اتمنى في العام القادم إقامة برمجة في السجون بالجهات وافكر أكثر في تقديم ندوة لفتح نقاش مع الفنان بعد كل عرض حتى يكون هناك تواصل بين العرض والفنان والجمهور.
تم نشره قبلا في روزاليوسف المصرية