عمرو دياب.. آخر مطرب أثر في ثقافة جيل
مصطفى حمدي
في شتاء 2012 وقفت في الصفوف الأولى لحفل أحياه بالجامعة الأمريكية، قبل الحفل بساعات سأل دياب جمهوره عبر السوشيال ميديا: ماذا تريدون أن تسمعوا اليوم؟
فوجئ بقائمة طويلة أغلبها أغاني قديمة، غنى ليلتها ساعة كاملة ضمت أكثر من ميدلي لأغاني بدأت بمتخافيش وشوقنا وامتدت حتى نور العين، رقص شباب لم تتجاوز اعمارهم السابعة عشر، رددوا الأغاني التي نجحت قبل أن يولدوا، أما هو فداعبهم مع كل أغنية قائلًا: "دي نزلت قبل ماتتولدوا يابني انت وهو!".
ترددت كثيرًا وأنا أكتب عن عمرو دياب، لا لشيء سوى أن صوته شريك رحلة الواحد منذ عتبات المراهقة حتى منتصف الثلاثينات، كم مرة حلقت شعرك مثله؟ كم مرة ارتديت نفس الحذاء، القميص، البنطلون؟ بالتأكيد تحتفظ في دولابك ببلوفر "تملي معاك"، أو كاب " أنا عايش ومش عايش"، أذكر جيدًا ماكتبته الصحافة عن ثمن "تسريحة عمرو دياب في نور العين "، أحدهم "شطح" به الخيال فقال إن عمرو زرع شعره في لندن مثلما فعل العندليب، حتى خرج دياب في حوار بمجلة "الشباب" كان عنوانه " تسريحة شعري ثمنها 15 جنيهًا"، وقتها كان المطرب المصري الذي لقبوه بالعالمي قصة رئيسية في صحف النميمة ومجلات الفن.
حصل عمرو دياب على الميوزيك أوورد للمرة الأولى ، مازلت أتذكر السهرة التي أعدها التليفزيون المصري لعرض حفل الجوائز في حضور عمرو والموسيقار عمار الشريعي ومعهما يسرا والمذيع ابراهيم الكرداني ، ظل الشريعي يلقي قصائد مدح في موهبة وذكاء واجتهاد عمرو، أظن أنها كانت سعادة صادقة بانتصار حققه مطرب تحول إلى قدوة لملايين المراهقين والشباب ، الحقيقة أن عمرو دياب فعلًا هو آخر مطرب مؤثر في شخصية جيل، مهما حاول البعض بعده إلا أنها كانت محاولات مفتعلة ومؤقتة لم تستمر طويلًا، هو يملك الذكاء الذي جعله يلتقط مطلعًا يدندنه شقيقه عماد وهو يقول "حبيبي حبيبي يانور العين" ، فسأله: سمعت اللحن ده فين؟ فقال: عند ناصر المزداوي.
لم يكن شقيق عمرو قريبًا من دائرته الفنية، وهو أمر يحسب لعمرو عندما أبعد كل المؤثرات العاطفية عن طريقه، يحكي لي ملحن قدم عشرات الألحان لدياب في تلك المرحلة: شقيق عمرو لم يقترب من ذوقه الفني ولا إدارة اعمال ولا حتى علاقاته بالمحيطين به، ولكن عمرو لم يخجل من الإعلان في لقاء بقناة النيل للمنوعات بعد فوزه بالجائزة أن عماد شقيقه كان سببًا في انتباهه للحن الأغنية التي كتب كلماتها أحمد شتا ولحنها ناصر المزداوي ثم وزعها حميد الشاعري.
من كتاب "شريط كوكتيل"