رفقي عساف.. “أحلام لم تكتمل”
إسراء الردايدة
في الحياة لا يوجد شيء يسمي الفشل، هناك استسلام فقط”، جملة كتبها المخرج وكاتب السيناريو الموهوب الراحل رفقي عساف في فيلمه الروائي الأول “المنعطف”، والذي غيبه الموت اليوم بعد صراع مع المرض، وهو الذي لم يستسلم يوما أو يتخلى عن أحلامه.
رفقي الذي عشق السينما والكتابة رحل ظهر اليوم، كان وقع خبر وفاته أليما وصعبا على كل من عرفه، فهو ليس بالشخص العادي الذي يمكن نسيانه، أو تجاهل وجوده نظرا لحيويته الشديدة وشغفه فيما يفعل، دماثة خلقه وخفة ظله، حكمته ورؤيته الإبداعية.
كل من عمل وعرف رفقي تأثر به بخياله الجامح، موهبته، جسارته وطموحه والأهم من كل هذا قدرته على تنمية مواطن الفن والإبداع ورعايتها والاشتغال عليها حتى تظهر بقوة.
رفقي أحب السينما بشكل كبير وكان دائما يريد أن ينفذ فيلما من أجل والده الذي تغنى به طيلة الوقت حتى انجز فيلمه الروائي الأول “المنعطف” في العام 2015، والذي أهداه له، جمع بين الحنين للماضي والشاعرية وحتى لعبة القدر وملامح متشابهة، وحين تتقاطع كلها مع بعضها تكون النتيجة ربما مغامرة من نوع مختلف تتيح للفرد أن يتغير ويتحرر من قيود خاصة، عندما يقابل من يطلق العنان له ليكون على طبيعته.
وكان العرض العالمي الأول لفيلم “المنعطف” من خلال الدورة الـ12 من مهرجان دبي السينمائي الدولي؛ حيث نافس الفيلم ضمن مسابقة المهر الطويل التي تشارك بها الأفلام الروائية الطويلة، كما شارك الفيلم في فعاليات الدورة الخامسة من المهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة بالناظور؛ حيث نافس الفيلم ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة. وشارك أيضاً في مهرجان سياتل السينمائي الدولي بالولايات المتحدة الأميركية وكان ذلك العرض الأول له بقارة أميركا الشمالية.
وفيلمه هذا دخل القائمة القصيرة لمنحة الشاشة بأبوظبي كواحد من أفضل السيناريوهات التي تستحق الدعم، كما فاز بمنحة الصندوق العربي للثقافة والفنون – آفاق، وعمل كمستشار للأفلام في الهيئة لدعم المواهب وصناع الأفلام الناشئين وتقديم المشورة لهم بهدف تطوير أعمالهم وفهمهم لصناعة الأفلام.
وأسهم رفقي عساف أيضا في تقديم العديد من ورش العمل الجدية والمكثفة في كتابة السيناريو وقراءة النصوص والإشراف عليها، لأفلام ومسلسلات تلفزيونية، وحاز على عدة جوائز، وقد نشر عساف عددا من المقالات النقدية والكتابات الأدبية.
وفي رصيد مسيرته التي فارقها اليوم وهو في 41 بعد أن وافته المنية، ٤ أفلام قصيرة ككاتب ومخرج، من ضمنها فيلم “المشهد” الحاصل على عدة جوائز. كما قام بكتابة فيلمين قصيرين لمخرجين آخرين، هما “صباح بارد في نوفمبر” الحاصل على جائزتي الجمهور ولجنة التحكيم في مهرجان الفيلم الفرنسي – العربي، وفيلم “الببغاء” الحاصل على منحة روبرت بوش الألمانية للسيناريو وأخرجته دارين سلام وأمجد الرشيد.
رحل رفقي عساف عن هذه الدنيا، لكنه ترك أثرا كبيرا وإرثا سيحمله كل من عرفه وعمل معه، تعلم منه، وهو الذي طالما كان يخاطب أباه الذي فقده في سن مبكرة وأثر به كثيرا: “أنا لا زلت هنا يا أبتِ.. أصارع هذا العالم ويصارعني.. يغرز رماحه الصلبة القاسية من الفقد في صدري.. ويلويها.. وأنهض وأسير.. لم يعد في الصدر متسع.. ولكنني أسير.. لأنك علمتني أن النهوض أهم بكثير من الألم…”.. لكن رفقي خلف وراءه الكثير من الأحلام والطموحات التي كان يريد تحقيقها والمشاريع التي أراد أن ينجزها…فأحلام رفقي التي لم تكتمل. ربما سيكملها جيل …جديد وطلبة تعلموا منه كيف يصبح الشغف والحلم حقيقة.
نقلا عن جريدة الغد الأردنية