أسئلة مشروعة حول عصام زكريا ومهرجان الإسكندرية
مصطفى الكيلاني
في منتصف سبتمبر الماضي فوجئ الجميع بقبول الناقد السينمائي عصام زكريا منصب المدير الفني لمهرجان الإسكندرية السينمائي، في نفس الوقت الذي يترأس فيه عصام زكريا “الإسماعيلية للأفلام القصيرة والتسجيلية”، وحقق معه نجاحات جعلته واحد من أهم المهرجانات النوعية في المنطقة والعالم، ولم يصدر قرار بتنحيته عن منصبه ذلك أو الإعلان عن رئيس غيره.
المفاجأة كانت أن زكريا هو المرشح الوحيد لتولي منصب المدير الفني لمهرجان القاهرة السينمائي، بعد انتهاء الدورة المقبلة، والتي وضح للجميع أنها الدورة الأخيرة للمنتج محمد حفظي، وسيخلفه أحد السينمائيين في منصب رئيس المهرجان، فيما توقع الجميع احتلال عصام زكريا لمنصب المدير الفني.
أيضا يعلم الجميع ما وصل إليه مستوى مهرجان الإسكندرية من تردي، وانهيار سمعته في مصر وخارجها، وتحوله إلى فعالية كل مهمتها هي رد “العزومات” لمسؤولي مهرجانات عربية، مع انهيار تام في مستوى الأفلام المشاركة، ومواضيع الندوات، وتدهور البرمجة والتنظيم بشكل عام، واختفاء صفة المتوسطي تماما لصالح الخليجي، وسيطرة رئيس المهرجان على كل شيء، مما جعله يغير كل عام مديرا فنيا، يصاحب ذلك صمت تام من وزارة الثقافة ولجنة المهرجانات.
عصام زكريا تولى مسؤولية مهرجان الإسكندرية قبل أقل من شهرين من انعقاد الدورة المقبلة، فكيف يستطيع تنظيم البرمجة واختيار الأفلام ولجان التحكيم والضيوف، مع العلم مسبقا أن 90% من الضيوف هم لرد دعوات رئيس المهرجان في فعاليات أخرى، ولا يتبقى من الميزانية إلا قليلا لدعوة بعض أبطال الأفلام المشاركة في مسابقة الأفلام الطويلة.
بدأت أولى أزمات الإسكندرية السينمائي بملصق الدورة 36، الذي يحمل نفس صورة تمثال الفيلسوفة “هيباتيا”، وهو “للصدفة” نفس التمثال الذي جعله مهرجان آخر تميمته وشكل جائزته، وهو الإسكندرية للفيلم القصير، وكأن المهرجان المتوسطي يحاول سرقة نجاح الفعالية التي أثبتت وجودها بدون أي دعم حقيقي، ويقيمها سينمائيون شباب بأقل من عشر تكلفة “المتوسطي”.
كيف يقبل عصام زكريا، وهو أحد النقاد المعدودين في المنطقة العربية، وصاحب تاريخ طويل في إنجاح فعاليات سينمائية أبرزها دوره في إعادة الروح لمهرجان الإسماعيلية، أن يشتبك اسمه مع فعالية أصبح محكوم عليها بالفشل والانهيار عام بعد عام، والجميع يعلم أنه لن يستطيع تنفيذ أي خطة لإنقاذ المهرجان، لضيق الوقت أولا، ولتحكمات رئيس المهرجان ثانيا.
عصام زكريا ناقد كبير ومهم، وهو أول من علمني الصحافة الفنية، وفتح لي باب النشر بمساحات كبيرة لم أكن لأحلم بها في بداية مشواري الصحفي، وهو أستاذ لكل جيلي والأجيال التي تلته، فكيف يكسر حلمنا بتوليه منصب هو الأقدر عليه، بمهرجان يمثل لنا وللمصريين الكثير، في القاهرة السينمائي.
الجميع يحلم بإنقاذ مهرجان الإسكندرية ممن اختطفوه وحولوه لمسخ، لكن ذلك لن يتم بفرد واحد مهما كانت قدراته، فمصيره الوقوع في براثن التربيطات والتحويطات وغياب لجنة المهرجانات، لكنه سيكون بقرار واضح بتولي سينمائيو الإسكندرية وهم كثر إدارة المهرجان، مع دعم من أهل الخبرة بالقاهرة، وقتها سيتحول المهرجان إلى فعالية متوسطية حقيقية، وليس مهرجانا عربيا متردي المستوى مثلما هو حاليا.
أتمنى أن يعود إلينا الكبير عصام زكريا بدون ندوب من تلك التجربة، التي أظنها مريرة حتى قبل أن تبدأ، فالمقدمات تدل على النتائج، والجميع يعرف نتيجة تلك المعادلة الواضحة.