هل تخرج مصر من سوق تصوير الأفلام الأجنبية بسبب الرقابة والتصاريح
هشام سليمان: 5 أزمات يجب عبورها من أجل حل الأزمة.. والجمارك حاسبتني على “عدسة” غرقت
صبري السماك: الفهلوة ومنطق “الخرتية” هو ما يمنع تصوير الأفلام بمصر.. والرقابة والجمارك يسهل التعامل معها
صفي الدين محمود: الشباك الواحد هو الحل.. ووجود الرقابة ضروري
مصطفى الكيلاني
تتنافس الدول العربية في جذب الاستثمارات الأجنبية، ومن ضمن الاستثمارات ذات المكاسب المتعددة صناعة السينما، وأسرعها في العائد هو تصوير الأفلام الأجنبية، الذي يقدم عوائد مالية بخلاف اكتساب خبرات للمساعدين المصريين، بخلاف الترويج السياحي.
فالمغرب قبل الإغلاقات المتعددة بسبب كورونا حققت مكسبا صافيا 80 مليون دولار في 8 أشهر خلال عام 2019، والأردن تحقق ملايين أيضا، ودخلت على الخط السعودية والإمارات، وكذلك إسرائيل.
من منا ينسى مانشيتات الصحف التونسية عام 1997 والإعلانات التي وزعتها على الصحف العالمية والتي عنونتها بـ “تونس تحصل على الأوسكار” بعد فوز فيلم المريض الإنجليزي بـ 9 جوائز أوسكار، والذي تم تصويره في تونس، المدهش أن كل أحداث ذلك الفيلم تدور في مصر، وبسبب أزمات التصاريح تم نقل التصوير من مصر إلى تونس.
من ينسى أيضا ديكور القلعة التي بنتها عائلة الجابري في صحراء سيتي، والتي صورت فيها العديد من الأفلام المصرية والأجنبية، وتم هدمها بدون سابق إنذار، ولا سبب في عهد الرئيس مبارك.
- اليوم.. ندوة حول “التحديات والفرص في صناعة السينما السعودية” بمهرجان القاهرة
- اليوم.. ندوة “أيام صناعة السينما للشباب” بمهرجان القاهرة السينمائي
- بدء فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي
- تجربة صيد حقيقية على الموبايل تقدمها لعبة Monster Hunter Outlanders من إنتاج TiMi Studio Group و Copcom
- فيلماً إيرانياً يمثل ألمانيا في أوسكار 2025
سألنا أشهر من تعامل مع الأفلام الأجنبية في مصر، حول أزمة تصوير الأفلام الأجنبية، وكان أولهم المنتج هشام سليمان، الذي أوضح في عدة نقاط سبب تلك الأزمة، وأكد أن النقطة الأولى في الرقابة على المصنفات الفنية، فالأجنبي لا يفهم وجود رقابة من الأصل، هو يرسل إيميل قبل ميعاد تصويره بشهر، يبلغك بطلباته في المعدات وأماكن التصوير وغيرها، والرقابة بمفردها تحصل على موافقتها في فترة تصل لشهر كامل.
وأوضح سليمان أن النقطة الثانية هي وزارة الداخلية التي تطلب منك صور لجوازات سفر الأجانب وتنتظر من أسبوعين إلى ثلاثة حتى تستخرج التصريح، موضحا أن هناك شهرين من البحث عن التصاريح والأجنبي أصلا لا تستطيع أن تفسر له سبب التأخير.
النقطة الثالثة حسب المنتج هشام سليمان هي الجمارك، وأوضح أنه سيقدم مثالا بما يحدث في المغرب، في الدار البيضاء هناك ما يسمى الكارت الأخضر، تصل للمطار بدون حتى التواصل مع شركة إنتاج أو غيرها، وتطلب تصاريح التصوير، وتحدد مواقع التصوير والإقامات، وفورا ببطاقتك الخضراء تحصل على خصم في الفندق من 20 إلى 30 %، وفي المطار أيضا توقع على ورقتين أولهما وثيقة بالمعدات بها رقم “السيريال” لكل واحدة فيهم وتوقع عليها، وتوقع أيضا ورقة الضد حيث أن كل معدة تواجدت على الأرض المغربية بعد انتهاء التصوير تصبح من حق السلطات المغربية.
أشار سليمان إلى أن في مصر، تدفع 20% من قيمة المعدات كضمان، وتسترده عند خروجها، مع خصم 3%، ذاكرا أنه وقعت من فريق تصوير أجنبي عدسة في النيل، واضطر لدفع قيمة جمرك العدسة كامل، فالمنتج خسر العدسة وخسر قيمة جمركها، وقال سليمان أن البروديوسر الأجنبي سألنه كيف يبرر لشركة التأمين فقدانه العدسة ودفعه جمركها في نفس الوقت.
النقطة الرابعة من أسباب الأزمة يوضحها هشام سليمان في النقابات فكل شخص أجنبي في فريق التصوير يتم دفع من 250 إلى 300 دولار في الأسبوع لنقابة السينمائيين، ولو الفريق مكون من 20 شخص، فهناك حوالي 50 ألف دولار يتم دفعهم لنقابة السينمائيين، والأجنبي لا يعرف لماذا يدفعهم، بخلاف أن النقابة تشترط أنه أمام كل أجنبي موجود يجب أن يتواجد مقابله فنان مصري، ففريق التصوير يتم مضاعفته بدون أي معنى، ثم تظهر نقابة الممثلين التي تطلب 20% من قيمة عقد الفنان، فلو بالفيلم مثلا براد بت، قيمة عقده 40 مليون جنيه، فكيف سندفع لنقابة مثل هذا الرقم.
وذكر هشام سليمان أن النقطة الخامسة هي في أماكن التصوير الباهظة والإكراميات التي لا يمكن وضعها في ميزانية سليمة مع الأجانب.
وذكر هشام سليمان واقعة حدثت معه حين كان يقوم بتصوير فيلم Exodus: Gods and Kings مع المخرج الحاصل على الأوسكار ريدلي سكوت، ووزير الثقافة وقتها الراحل جابر عصفور صرح أن الفيلم دخل خلسة، رغم استخراجنا كل التصاريح بما فيها تصاريح الرقابة التابعة لوزارة الثقافة نفسها، وبسبب ذلك التصريح لم يدخل مصر من 2014 غير أفلام بسيطة جدا، وهربت المشاريع الكبرى للمغرب.
المنتج الفني صبري السماك، والذي عمل مع عشرات الفرق الأجنبية في مصر، قال إن الجميع يتحدث عن أن المشكلة التي يتحدث عنها الجميع هي الرقابة والنقابة والجمارك، رغم أن السبب الأساسي في عدم وجود تصوير لأفلام أجنبية في مصر هو منطق “الخرتية” و”الفهلوة”، فمكاتب الإنتاج في مصر “فهلوية”، الموضوع بالنسبة له “سبوبة” يجب أن يحصّل منها أكبر مكسب في التاريخ، ولذلك لا يوجد ثقة بين المنتج الأجنبي وشركة الإنتاج المصرية فلا يوجد قائمة أسعار واضحة لتأجير المعدات وغيرها.
وتابع السماك، مثل الأماكن السياحية في مصر هناك تذكرة للمصري وأخرى للأجنبي، فنفس الحال بالنسبة لتعامل شركات الخدمات الإنتاجية مع الأجنبي، رغم أنها نفس الكاميرا، فيكون أجر إيجارها في بلد تصنيعها 500 دولار، وفي مصر 1500 دولار، وهذا غير منطقي؟ متسائلا هل هي مع الأجنبي ستصور بشكل مغاير، هل الكاميرا تتحول مع الأجنبي لتطير، هل استهلاك الأجنبي لمعدة التصوير أسوا مثلا من المصري حتى يتم رفع الأجرة عليه؟
وأوضح صبري السماك أن المسؤولين عن تنفيذ الأفلام الأجنبي يتعاملون بمنطق “الخرتي” وهو المرشد السياحي غير المرخص، الذي مهمته الأساسية هي النصب على السائح، ولذلك أصبح يتم التعامل معنا بتوجس.
وذكر السماك أنه لا يوجد منتج مصري يفكر بتطوير الصناعة، الهدف الوحيد هو المكسب السريع، متسائلا هل أي منتج منهم فكر في تطوير الصناعة والتجارة التابعة لها حتى تكون مربحة أكثر له ولكل العاملين بها؟ فلا يوجد استراتيجية الصناعة، لا يوجد تخطيط، ولا توجد نقابات تتحدث في تطوير العمل السينمائي، موضحا أن تلك كارثتنا الحقيقية بعد تجارب كثيرة جدا له مع جميع الشركات بدون استثناء-حسب قوله-
صبري السماك أكد أن تلك “الفهلوة” تحرم مصر من ملايين الدولارات مشيرا إلى أن كل الأمور الخاصة بالرقابة والجمارك سهل التعامل معها تماما، ولكن الأزمة في منطق “الخرتية” وعدم الاطمئنان إلى استمرارية التصوير، خاصة أنه أصبح هناك من يقف في الشارع أمام أجنبي يصور بكاميرا لسؤاله عن التصريح، وكأن المواطنين العاديين تحولوا إلى أجهزة أمنية خاصة، مؤكدا أنه تعرض لذلك عدة مرات حين معاينته لأماكن تصوير وهو مصري فما بالك بالأجنبي.
وأوضح صبري السماك أنه كان من المفروض أن يتم تصوير فيلم الإسكندر الأكبر بين الإسكندرية وواحة سيوة، وبسبب المعوقات سافروا للمغرب، وقدم لهم الملك محمد السادس حوالي 5000 حصان بفرسانهم، واستفادت المغرب بعشرات الملايين من الدولارات من مصاريف كل فريق الفيلم.
المنتج صفي الدين محمود، قال إن حل تلك الأزمة في وجود إرادة حقيقية لتسهيل التصوير، وبعدها ستنفذ كل المؤسسات الاستراتيجية الجديدة. وتابع أنه ليست مشكلة مصر في تصوير الأفلام الأجنبي فقط، ولكن المشكلة في التصوير عموما، فلكي يتم أي تصوير خارجي تحتاج إلى تصاريح كثيرة من عدة جهات، ورسوم أيضا كبيرة، موضحا أنه لو تم تسهيل الإجراءات فالرسوم تهون.
وأشار صفي الدين محمود أنه مثلا لو أراد التصوير في محطة مصر، أو في قطار، فيحتاج كم تصاريح كبير ورسوم غير معقولة، موضحا أن فيلم “الأصليين” اضطر لبناء ديكور مطار في القرية الذكية ودفع تكلفة جرافيك، وكلها كانت أقل من ربع الرقم الذي طلبه مطار القاهرة، وخسرت رسوم كان سيتم الاستفادة منها.
وأوضح صفي الدين أن الأماكن السياحية في مصر هي الأكثر طلبا للتصوير من الأجانب، وهي أشياء أساسية في بلد أصلا معالمه مطلوبة جدا في التصوير لذلك يجب تسهيل الإجراءات متابعا أنه “بالمصادفة قابلت مؤخرا السيد وزير السياحة والآثار، بحضور رئيس هيئة الآثار الدكتور مصطفى وزيري، وأبلغني أنه سيتم تسهيل إجراءات التصوير في المناطق الأثرية ومنح التصاريح بمبالغ مخفضة جدا”.
وعن عرض الفيلم الأجنبي على الرقابة، قال صفي الدين “في اعتقادي ليست كارثة ولست ضدها نهائيا، المطلوب أن يكون الرقيب لديه وعي أن ذلك العمل موجه لجمهور غير الأسرة المصرية”، مؤكدا أنه مع الرقابة، لأنه ممكن حاجة تشوه تاريخ مصر أو تنشر إشاعات، فليس هناك داعي لوجودها، فالرقابة ضرورية مع إضافة فكر مستنير لها.
وعن تسهيلات الجمارك قال إن بعض شركات الإنتاج تابعة للمنطقة الحرة وهذا يسهل تفاصيل كثيرة، فالجمارك أيضا ليست كارثة، خاصة أن كل المعدات الآن موجودة في مصر، فنحن لدينا صناعة فيها أحدث أجهزة التصوير وخاصة في سوق الإعلانات المصري، وتابع صفي الدين ” عن تجارب شخصية، أي شخص من الخارج يريد التصوير لدينا أطلب منه قائمة بالمعدات المطلوبة، وبعد بحث بسيط أجدها كلها موجودة في مصر”.
وأوضح المنتج صفي الدين محمود أن الحل الوحيد لكل تلك الأزمة في وجود شباك واحد يستخرج التصاريح وموظفيه هم من يتواصلوا مع الأجهزة كلها، ومدير الإنتاج يطلب التصريح من جهة واحدة ويتسلم الموافقة في مكان واحد.