نقد

كلشي ماكو.. في العراق لا فرق بين الجماعات الإرهابية والمحتل

عبدالكريم واكريم

ضمن عروض اليوم الثاني من أفلام المسابقة الرسمية للدورة الثالثة لمهرجان عمان السينمائي الدولي، تم يوم الجمعة 22 يوليوز 2022 عرض فيلم “كلشي ماكو” للمخرجة العراقية ميسون الباجه جي.

كلشي ماكو
ميسون الباجه جي

في فيلمها الروائي الطويل “كلشي ماكو” ترصد المخرجة العراقية المقيمة في لندن ميسون الباجه جي حالات إنسانية خلال فترة من أحلك الفترات التي مر بها العراق خلال الاحتلال الأمريكي لهذا البلد وبالضبط أواخر سنة 2006.

كلشي ماكو
لقطة من كلشي ماكو

حيث تأخذ المخرجة مسافة في فيلمها من كل الفرقاء السياسيين والجماعات الممارسة للعنف بحجة مقومة الاحتلال، إذ يتساوى هنا المحتل وتلك الجماعات الإرهابية التي تقتل ببشاعة الأبرياء بحجج واهية وخصوصا النساء اللواتي يُغتلن ويتم التمثيل بجثثهن ويصلبن في الساحات العامة حتى تتفسخ لحومهن أو يرمى بجثثهن في النهر.

كلشي ماكو

تركز المخرجة أيضا في كلشي ماكو على التجاذب الطائفي بين السنة والشيعة الذي وصل أوجه عبر العمليات الإرهابية والتصفيات الجسدية، وفي مشهد معبر عن هذا البؤس الطائفي الديني وأثناء خروجها من المدرسة، تسأل الطفلة أمها الكاتبة قائلة: “يسألني الأطفال هل أنا سنية أم شيعية، فبماذا أجيبهم هل نحن سنة ام شيعة يا أمي؟” فتجيبها الأم: “إذا سألوك مرة أخرى أجيبي فقط بـ: أنا عراقية”.

على هذه الخلفية الأبوكاليبسية نتابع في فيلم “كلشي ماكو” شخصيات تتقاطع مصائرها وتتداخل في حي شعبي لتتمركز على شخصية كاتبة روائية تحاول أن تجمع شتات ما يقع لتصبه في كتاباتها، ويبدو أن هذه الشخصية هي صدى للكاتبة المشاركة في إنجاز السيناريو والمقيمة في العراق إرادة الجبوري والتي كانت أعمالها الأدبية تتمحور حول تيمة الحرب في العراق.

رغم كل الأهوال التي يرصدها الفيلم فإن خطاب التفاؤل بمستقبل أجمل هي الطاغية على مسار الفيلم.

كلشي ماكو

قد يرى البعض أن المخرجة تبرر في فيلمها هذا فالغزو والاحتلال الأمريكي للعراق بمساواتها بينه وبين بعض من كانوا يدعون أنهم مقاومة، لكن من يتتبع أحداث الفيلم جيدا يجد أن كل ما ورد فيه بخصوص الحركات الإرهابية التي لم تكن تفرق بين البريء والمتعاون مع أمريكا قد حدث بالفعل.

مسارات كلشي ماكو مكتوبة بشكل جيد بحيث تكون الانتقالات سلسة من مسار شخصية إلى مسار شخصية أخرى وهذا يظهر الاشتغال الجيد على السيناريو وعدم ترك أي فرصة للارتجال أثناء التصوير وإلا ظهر خلل أثناء السرد الفيلمي، إذ أن المخرجة قدمت لنا الشخوص وكأنها تقطرهم نقطة بنقطة بحيث لم تتكن تتسرع في إعطاء كل المعلومات عنهم مرة واحدة وحتى العلاقات التي تربطهم فيما بينهم نعلمها بالتدريج وبدون تعسف أثناء تقدم لحظات الفيلم.

كلشي ماكو

في نهاية الفيلم وبعد أن كانت قد قررت الهجرة خارج العراق تتخلى الكاتبة عن قرارها وتظل في بلدها وفي حوار جميل بينها وبين ابنتها الصغيرة تمرر المخرجة خطابها بسلاسة وبدون مباشر كون البلد لمواطنيه وأن كل شيء فيه لهم رغم ما وقع ويقع وأن التمسك بالأرض وبالوطن هو أقصى درجات المقاومة بالنسبة للمواطن البسيط.

التمثيل بالفيلم جيد ابتداء بالممثلة اللبنانية السورية دارينا الجندي في دور الكاتبة مرورا بباقي الممثلين العراقيين في أدوار متساوية بحيث لا تطغى شخصية على أخرى بل هناك شبه تساوي في الظهور على الشاشة لكل الشخصيات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى