نقد

الجونة سكوب في ساحة الجامعة

أسامة عبد الفتاح

 

من فندق الإقامة إلى قاعات السينما إلى الجامعة الألمانية، وبالعكس.. مسار يومي لا يشهد نشاطا سوى السينما وعروضها وندواتها ودروس أساتذتها، ولا يشهد حديثا سوى عن الأفلام وصناعها، حتى في المقاهي والمطاعم.

 

أسبوع أو أكثر أو أقل مخصص بالكامل للسينما وعشاقها ونقاشاتهم المستمرة حول سحرها.. هذا هو جوهر أي مهرجان سينمائي، وهذا هو ما يحدث في مهرجان الجونة السينمائي منذ دورته الأولى بفضل التخطيط الواعي والتنظيم الجيد، وما أعتبره شخصيا نجاحا كبيرا لأن هناك مهرجانات عريقة فشلت في خلق تلك الحالة على مدى عقود من الزمن، فإذا بمهرجان شاب يحققها من السنة الأولى، ليستحق صفتي: ناجح ومؤثر.

 

بعد إيجاد تلك الحالة، يصبح الاختبار التالي لأي مهرجان سينمائي هو مستوى الأفلام نفسها، وقد نجح "الجونة" فيه أيضا، ومن الدورة الأولى، حيث يحرص مسئولوه ومبرمجوه على عرض كثير من الأفلام المهمة التي حصلت على جوائز في المهرجانات الكبيرة التي تسبق الجونة مثل كان وبرلين، بالإضافة إلى بعض أفلام مهرجانات فينيسيا وتورنتو وسان سباستيان.. وتساعدهم في ذلك ميزانية سخية يوفرها مؤسسو وممولو ورعاة المهرجان.

 

والحق أن أي ميزانية لا يمكن – وحدها – أن تصنع مهرجانا سينمائيا ناجحا ما لم تكن هناك رؤية فنية واضحة تعمل على الاختيار الجيد للأفلام ووجود تناسق وتناغم في البرنامج وإبعاد الأسماء الكبيرة المخضرمة عن المسابقات والجوائز لإفساح المجال أمام السينمائيين الشبان.. ولا شك أن هذه الرؤية موجودة في الجونة بفضل خبرة مدير المهرجان، الناقد انتشال التميمي، وكفاءة المدير الفني، المخرج أمير رمسيس والفريق المعاون بالطبع.

 

أما المعيار الثالث لقياس نجاح أي مهرجان سينمائي، فهو الضيوف والمشاركون والمكرمون، وهو أكثر العناصر تميزا في الجونة، حيث تشاهد الأفلام وتحضر الندوات وتشارك في نقاشات ساحة الجامعة الألمانية الشهيرة إلى جانب كبار صناع السينما المصرية، والعربية كذلك، من مخرجين ومؤلفين وممثلين ومديري تصوير ومؤلفي موسيقى تصويرية.. إلى آخره. والأهم أنك تجدهم إلى جانبك أيضا في طوابير حجز تذاكر العروض ودخول القاعات، حيث يسري النظام على الجميع دون تمييز لأحد.

 

وتبقى سياسة التكريم في الجونة، والتي أوافق عليها بشدة لأنها قائمة على تكريم ثلاثة سينمائيين فقط كل عام، أحدهم من مصر والثاني من الوطن العربي والثالث من العالم.. وأقول إنني أؤيدها لأن التكريم يكون له معنى ومغزى عندما يركز على عدد قليل محدود من السينمائيين، بينما يفقد أي معنى أو قيمة له عندما يصبح لكل من هب ودب أو كل من يوافق على الحضور كما يحدث في مهرجانات أخرى..

توجد بالطبع معايير ومقاييس أخرى لتقييم أي مهرجان سينمائي، لكن ما ذكرته يكفيني لأعتبر تجربة الجونة ناجحة وأنتظر منها المزيد في الدورات المقبلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights