the bombardment: تساؤل الأطفال هل الرب في قيلولة
مصطفى الكيلاني
هل تريد أن تكره الحرب؟
هل تريد أن تبغض البشر؟
هل تملك رفاهية الهروب؟
ما يقدمه لك الفيلم الدانماركي “الظل في عيني” الذي صدر على نتفيلكس باللغة الإنجليزية تحت اسم the bombardment “القصف” هو جرعة مكثفة من كراهية الحرب وما تتركه من شرور في نفوس البشر، تمحي أصواتهم، وتسلب عقولهم، وتنسيهم انسانيتهم.
يطرح الفيلم تساؤلا شديد الجدية، أين الله من هذه الحرب؟ على لسان الراهبة الشابة تريزا “فاني بورنيدال” التي تعيش في كنيسة في الدانمارك تتبعها مدرسة للأطفال في عام 1945 قرب نهاية الحرب العالمية الثانية، تؤمن الراهبة بمعجزة القديسة إليزابيث التي تحول الخبز في سلتها إلى زهور، وتتمنى أن تحدث المعجزة وتكفر هي عن خطيئة العالم الذي يحارب بعضه البعض، ويقتل الأطفال في طريقه.
تتساءل الراهبة عن وجود الرب، ولماذا يترك البشر يحاربون بعضهم، وتجيب أسئلة الأطفال حول تركه لهم وسط القتل والدم والقصف، وتوافق على كلامهم أن الرب في قيلولة.
لا تستطيع أن تتحكم في مشاعرك أثناء مشاهدة the bombardment، فالمخرج يضعك منذ اللحظة الأولى في سياق الدم، تشاهد طائرة بريطانية تقصف سيارة تسير وسط الحقول، تحمل ثلاث شابات جميلات في طريقهن إلى حفل زفاف، ويشاهد الطفل هنري احتراق جثثهن مع سائقهن العجوز، فيصاب بصدمة عصبية ويفقد النطق ويصبح لديه خوف مرضي من السماء المفتوحة، فتذهب به والدته ليعيش مع شقيقتها في العاصمة الدانماركية كوبنهاجن، حيث لا توجد سماء مفتوحة ولا حقول.
في نفس الوقت نشاهد المقاومة الدانماركية وهي تكاد تنتهي على يد الجستابو، جهاز المخابرات النازي الرهيب، تدعمه شرطة مساعدة دانماركية، يمثلها الشاب فريدريك ” ألكيس هو أندرسون” الذي يعيش بعار خيانته لبلده حتى في داخل منزله، الذي يطارده فيه كره والده لما يفعله.
- استكشفوا أرض العجائب الشتوية ومتعة كرنفال الثلج مع Honor of Kings
- اليوم.. ندوة حول “التحديات والفرص في صناعة السينما السعودية” بمهرجان القاهرة
- اليوم.. ندوة “أيام صناعة السينما للشباب” بمهرجان القاهرة السينمائي
- بدء فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي
- تجربة صيد حقيقية على الموبايل تقدمها لعبة Monster Hunter Outlanders من إنتاج TiMi Studio Group و Copcom
على الجانب الآخر نكتشف أن سلاح الجو الملكي البريطاني يخطط لقصف مبنى “شل” وهو مقر الجستابو في كوبنهاجن، عن طريق طيارين دانماركيين، وأثناء الإعداد لذلك القصف تتواصل معهم المقاومة لتخبرهم أنهم بدلا من قتل رئيس أركان قوات النازي في الدانمارك، قتلوا فتيات في السيارة وسط الحقول، ينزعج قائد الطائرة الدانماركي وملاحه، ولكنهما يستعدان للعملية الأكبر.
تجلد الراهبة تريزا نفسها في غرفتها بالكنيسة، تكفيرا عن ذنوب العالم، وتسير في الشارع مع تلاميذ مدرستها فتقابل الشرطي فريدريك وتلمس يده المجروحة بعد ضربه لأحد أفراد المقاومة، لتخبره أنه الشيطان، وفي المساء يقابلها الشرطي وتقبله لتكتشف هل ستنزل عليها لعنة الرب لتقبيلها الشيطان، وتنظر للسماء ولا تجد ردا.
تبدأ رحلة الطائرات البريطانية وطياريها الدانماركيين لقصف مقر الجستابو في كوبنهاجن، وعلى رأسها نفس قائد الطائرة والملاح الذين قصفا سيارة الفتيات بالخطأ، وينقلنا المخرج بين مشاهد تحرك الطائرات في الجو وبين تعذيب المقاومين وسجنهم تحت سطح مقر الجستابو كرهائن لحماية المبنى من القصف، وبين مدرسة الكنيسة، حيث هنري وابنة خالته “ريجمور” وصديقتها الفتاة الصغيرة “إيفا”.
تعمد المخرج إغراقنا في مشاعر عدة، قد تفقدك توازنك وأنت تشاهد، وتعلم أن هؤلاء الصغار سيتضررن من هذا القصف، ولكنك تنتظر هل سيتدخل الرب؟
ينظر الجميع للسماء، ومع أول موجة من القصف تسقط طائرة الطيار الدانماركي وملاحه على الكنيسة ومدرستها، وتخطئ طائرات الموجة الثانية للقصف، وبدلا من أن تسقط قنابلها على مقر الجستابو، شاهدوا النار في مقر المدرسة، فقصفوها لتختفي أجساد الأطفال بين نيران القنابل وحجارة مدرستهم المقدسة.
وتحاول الراهبة الشابة إنقاذ باقي الفتيات، فتنقلهن للقبو، وتحاول تطمينهن، وينخلع حجاب الراهبة وهي تنظر لأعلى، لعل السماء تنجيهم من تبعات القصف، ولكن طائرات الدانماركيين تقصفهم بلا رحمة، وتسقط سقف القبو فوقهم.
يقدم الفيلم عدة تساؤلات، حول اختيارات البشر، فهؤلاء الدانماركيين يقصفون أهلهم، بنيران صديقة، ويختار أعضاء المقاومة أن يقصف زملائهم المحبوسين كدروع بشرية في سطح مقر الجستابو، ويضرب الشرطي أعضاء المقاومة من أهل بلده بكل عنف، وتعلم الراهبة الكبيرة الفتاة الشابة بطردها من الكنيسة لأنها لم تفهم علاقتها مع الشرطي، ويعنف الرجل ابنته الصغيرة لأنها لم تأكل عصيدتها في الصباح، ويغرق رجال المطافئ الأطفال المحتجزين في القبو بماء الإطفاء، فبدلا من أن يموتوا في القصف ماتوا غرقا.
القصة حقيقية، ويعرض الفيلم في تتر النهاية صورة تلك الفتيات اللاتي سقط معظمهن في تلك الضربة، وتنزل أسماهم على الشاشة، ولا تستطيع منع مشاعرك من التدفق ولا الدموع من السقوط حزنا على ضحايا لم يكونوا يوما يعرفون أن قاتلهم هو من يحاول أن ينقذهم.
الجميع يضرب الأقرب له والمستفيد الوحيد هي الحرب، والنازي الذي يشاهد كل تلك الجرائم في حق الشعب مع بعضه البعض، رغم أنه بقي له شهران على نهاية الرايخ والحرب العالمية الثانية، الجميع يصرح أن الحرب انتهت، وقت أحداث الفيلم فبراير 1945، ومع ذلك يتساقط الضحايا لأن الرب ما زال في قيلولة حسب وجهة نظر الأطفال الذين سقطوا في النهاية.