نقد

مرعي البريمو.. بطيخة هنيدي الرديئة

مصطفى الكيلاني

توقعت من الدعاية التي صنعها الفنان محمد هنيدي قبل فيلم “مرعي البريمو” واعترافه بسقوط أفلامه الأخيرة، أن يقدم فيلما به مستوى جيد من الكوميديا، مع تقديم أغنيات داخل الفيلم على مستوى أفلامه الأكثر إضحاكا مثل “صعيدي في الجامعة الأمريكية” و”همام في أمستردام”، ولكن خيبة الأمل لم تفارقني منذ مشهده الثاني حتى النهاية.

استهل المخرج سعيد حامد فيلمه بمشهد كوميدي جميل، جعلنا مستبشرين بما قد يأتي، ولكننا وجدنا “رغي” مسرحي بهدف “حلب” الإيفيه، على الرغم من أنه اعتمد خلال الفيلم على “دراما الطريق”، في التحرك بحثا عن بطيختي “البريمو”، لكن السيناريو لم يستغلها نهائيا في صناعة كوميديا.

مرعي البريمو
مرعي البريمو

العودة لسعيد حامد لم تقدم لهنيدي أي جديد، وأصر على دور الشاب، ورغم أنه لأول مرة يصنع فيلما بدون “الباروكة”، لكن حتى ذلك لم يجد نفعا، رغم مشهد البداية المبشر بفيلم به قدر كبير من الكوميديا، لكننا جلسنا أكثر من ساعة بدون ضحكة واحدة في الصالة، حتى جاءت بعض اللقطات في الختام كان بطلها مصطفى أبوسريع ومحمد محمود، هي فقط التي جلبت ضحكات فاترة، وانتهى الفيلم والجمهور ما زال ينتظر بدايته، فلم يغنه بعض الإيفيهات المتقطعة، ولا بناء الشخصيات التي من الممكن أن تصنع كوميديا، وخاصة شخصيتي مصطفى أبوسريع وعلاء مرسي، ولكنها تاهت وسط سيناريو معيب، لم نعرف هل سبب ذلك كاتبه إيهاب بليبل، أو تعديات النجم كما يحدث الآن في معظم الأفلام .

الفيلم به عدد كبير من الكوميدينات الأشطر في مصر، الشباب مصطفى أبو سريع وأحمد سلطان ونانسي صلاح، والكبار أحمد بدير ومحمد محمود وعلاء مرسي ولطفي لبيب، ومحسن منصور، والأخير صنع 3 مشاهد جيدة جدا، ولكن الكاركتر الكوميدي الذي صنعه لم يتم استخدامه بشكل جيد في الفيلم، وحتى شخصية الجد خرجت ضعيفة جدا، رغم وجود ممثل بحجم أحمد بدير وحرفيته الكوميدية غير العادية، لكنه بدا تائها وسط رغبة هنيدي في إطالة مشهد حديثه معه في المنزل بدون مبرر.

مرعي البريمو
مرعي البريمو

في المشهد الأول لظهور “أحمد سلطان”، فوجئت باختفاء الحس الكوميدي للثلاثي هنيدي “البطل ومنتج الفيلم” والمخرج سعيد حامد والمونتيرة دعاء فاضل، فهنيدي يتحدث وأحمد سلطان هو بطل الكادر، مبتسما وينتظر أن يرد ويلقي إيفيه ضاحك، ولكن ينتهي “الشوط” بدون أي شيء، وكأنه المخرج تعمد أن يكتفي بكلام هنيدي، رغم أن بطل الكادر هو سلطان، في مشهد عجيب ومريب في آن واحد.

وفي المشهد الأول داخل محل البطيخ، حاول السيناريست التعريف بشخصية اليتيم “مرعي”، من خلال مشهد إطارات الصور الفارغة، لكنه طال جدا بدون داعي، ولم يساهم المخرج بأي نزعة كوميدية في مفاجأة الجمهور بلوحة الصور، وكأن هناك حالة كسل عام داخل صناعة الفيلم.

أما لقطات زبائن محل بطيخ “مرعي البريمو”، والتي بدت كأنها فوتو مونتاج لكنه بطيء جدا، حدث فيه اختلال راكور “جلابية مرعي” عدة مرات، فتخيل الجمهور أن المخرج قصد به مرور عدة أيام، ولكنه أصلا لم يوضح ذلك، وكأنه في المونتاج حذف الكثير من المشاهد فخلق ذلك الخلل، ومع ذلك أيضا لم يضحك.

مرعي البريمو
مرعي البريمو

في فيلم مرعي البريمو لم يحدث أن وجدت أثرا للمخرج سعيد حامد، فهو آثر استخدام لقطات عادية بدون بذل أي مجهود لإبراز الكوميديا وصنع فيلما تليفزيونيا رتيبا، وأظن أن المونتيرة دعاء فاضل كانت في أزمة وقت المونتاج بسبب عدم التمهيد للإيفيه بحركة كاميرا أو بالتركيز على تعبير وجه، وكأن سعيد حامد قرر ألا يقدم ما عودنا عليه، رغم أن فيلمه المصري الأخير “طباخ الرئيس” كان علامة في صناعة فيلم كوميدي بطله الرئيسي هو المخرج وحركة الكاميرا التي تمهد للإيفيه بل وتصنعه.

مرعي البريمو
مرعي البريمو

وحتى الأغنية التي شارك فيها هنيدي فريق شارموفرز، وتم صناعتها بفيديو كليب لطيف نوعا ما، ذكرنا بأغنيته في فيلم “يا أنا يا خالتي” مع دنيا سمير غانم، لم تكن على مستوى جيد، ولذلك لم تضف للفيلم أو حتى تحقق أي نجاح على السوشيال ميديا، وكانت إضافة غير ذات مغزى في الفيلم، ولو أزيلت منه فلن يحس المتفرج بأي فارق درامي.

مرعي البريمو
مرعي البريمو

كذلك لم يبذل مهندس الديكور باسل حسام مجهود يذكر، فلم نجد أي بصمات تضيف للكوميديا داخل محل “البريمو” أو في منزل “مرعي”، أو حتى في منزل الجد، ولم تنقذ الفيلم الموسيقى التي بذل فيها خالد حماد جهدا، لكنها لم تغن أو تسمن من جوع، في فيلم تكاسل كل صناعه فخرج معيبا بهذا الشكل.

هنيدي فقد بوصلته الكوميدية في عدة أفلام ثم عاد مع الثنائي أحمد عبدالله وشريف عرفة في “فول الصين العظيم” ليصل الذروة، ويبدأ من بعدها السقوط، يحاول أن يقدم فيلما جميلا في “تيتة رهيبة”، و “رمضان مبروك أبوالعلمين حمودة”، لكنه فقد هو نفسه حسه الكوميدي في باقي أفلامه.

مرعي البريمو
مرعي البريمو

وتوالى السقوط الحر إلى أن قرر أن يعود لمخرجه القديم سعيد حامد، بعد سنوات من الافتراق، ولكنه عاد بعد أن اشتعل رأس مخرجه شيبا، وتآكلت براعته القديمة كمخرج، فمنذ فيلمه “طباخ الرئيس” لم يقدم حامد أي منجز سينمائي سوى فيلم واحد إنتاج السودان، بلده الأصلي، ولم يحقق أي نجاح في مهرجانات كبرى، وكذلك لم يعرض جماهيريا بشكل جيد.

طبيعي أن تخرج من فيلم وأنت مستاء من مستواه، أو غاضب من عنصر أو عناصر داخل الفيلم، لكن أن تخرج من فيلم وأنت حزين على النجم الذي أصبح لا يعرف طريق النجاح، ذلك الذي حدث مع هنيدي، الصديق القديم الذي صاحبتنا بهجته منذ ظهوره الأول في أدوار صغيرة كان أجملها “بخيت وعديلة”، وغنينا معه “كامننا”، وضحكنا على بدلته الصفراء في “صعيدي في الجامعة الأمريكية”، وفي مرعي البريمو حضر البطيخ ولم نجد الفيلم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى