عصام زكريا يقدم ترشيحاته لأوسكار2019: لـ”روما” نصيب الأسد وفنانو العالم يجتاحون الأكاديمية الأمريكية
عصام زكريا
ساعات وتعلن جوائز الأوسكار الواحدة والتسعين، لتنهي واحدا من أصعب السباقات وأغربها في تاريخ المهرجان.
الفيلم الأكثر استحقاقا للجوائز، وهو "روما"، لا ينتمي إلى السينما بمفهومها التقليدي أصلا. ولو إنه صنع من عشر سنوات مثلا لما كان سيسمح له بدخول السباق، لإنه غير مخصص للعرض العام في دور العرض السينمائي، ولا حتى للتليفزيون، ولكن للعرض عبر شبكة الانترنت، وفوق ذلك هو فيلم أجنبي ناطق بالإسبانية كان أقصى طموحه منذ سنوات أن يرشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي.
أعضاء أكاديمية علوم وفنون السينما وصل عددهم إلى حوالي ثمانية آلاف شخص بعد أن توسعت إدارة الأكاديمية خلال العامين الأخيرين لإضفاء مزيد من الأعراق والجنسيات والألوان عقب الاتهامات بالعنصرية للبيض التي تعرضت لها الأكاديمية. وهؤلاء الآلاف الثمانية مقسمون حسب المهن السينمائية المختلفة، من المنتجين والمخرجين والممثلين وحتى متخصصي الخدع ومصممي الملابس و"المزينين" ( واضعي الماكياج وقصات الشعر).
لذلك، وعلى عكس ما يعتقد البعض تتراوح اهتمامات وأذواق وتحيزات هؤلاء الأعضاء كثيرا، وأحيانا تحسم النتائج بفارق أصوات معدودة، وللأسف لم تسمح الأكاديمية، التي تأسست عام 1927، بنشر تفاصيل التصويتات القديمة حتى الآن، مع إن قوانين بعض الدول تفرض على أجهزة المخابرات نشر وثائقها القديمة بعد مرور ربع أو نصف قرن!
لو أن المسألة تتعلق بفن السينما فقط، فإن "روما" هو الأفضل بلا كثير من الجدل، ولكن هناك قطاع من أصحاب الأصوات، من المنتجين والموزعين تحديدا، سيقفون ضده لإنه من انتاج "نت فليكس"، التي أصبحت تجربتها الناجحة تهدد فكرة السينما من اساسها، ولن نستغرب بعد عشرة أو عشرين سنة إذا رأينا أن دور العرض السينمائي تنقرض وتتحول إلى آثار للذكريات!
"نت فليكس" قد تكون الخطر، ولكن ربما تكون الأمل أيضا في بقاء فن السينما، كما حدث مع التليفزيون منذ أكثر من نصف قرن. والشركة العملاقة قامت بحملة دعاية هائلة لإقناع السينمائيين بإنها ليست ضد السينما، بل طوق انقاذها من الغرق، وهذه الحملة ستقنع البعض، ولكنها ستستفز البعض الآخر لمقاومة غزو الانترنت.
لكن الصراع حول "روما" لا يقتصر على مجال السينما. عندك رئيس أمريكي مهووس يهدد ببناء سور حول الحدود الأمريكية المكسيكية على طريقة الجدار الاسرائيلي، وها هو فيلم مكسيكي قلبا وقالبا ناطق بالإسبانية مرشح لأكبر الجوائز الأمريكية. كيف سيرد أعضاء الأكاديمية على عنصرية ترامب؟
الصراعات "خارج الفيلم" لم تقتصر أيضا على "روما". هذا العام هناك جدل كثير حول كثير من الأفلام المرشحة، ربما أكثرها هو استبعاد المخرج اللامع برايان سينجر من استكمال فيلمه "قصيدة بوهيمية" بسبب سوء معاملته مع فريق العمل، وبالتحديد بطل الفيلم رامي مالك، ثم الاتهامات التي تعرض لها بالاعتداء على عدد من الصبية في أوقات مختلفة من حياته. كذلك لاحقت اتهامات "جنسية" و"عنصرية" مختلفة كل من مخرج ومؤلف فيلم "الكتاب الأخضر"، المرشح بقوة لمنافسة "روما" على جائزة أفضل فيلم، بالرغم من أن مخرجه بيتر فاريللي لم يرشح لأوسكار أفضل مخرج، في واحدة من نوادر الأكاديمية!
خلال السنوات القليلة الماضية غيرت الأكاديمية عددا من لوائحها الخاصة بشروط العضوية وشروط الترشح للجوائز، ونتج عن ذلك مظاهر غريبة مثل دخول الأفلام الأجنبية سباق الجوائز العادية، مثلما نجد هذا العام من حصول "روما" على ترشيحي أفضل فيلم وأفضل فيلم أجنبي، أو ترشح فيلم تحريك لجائزتي أفضل فيلم وأفضل فيلم تحريك!
لكن الأمر الايجابي هو أن هذه التغييرات ضربت في الصميم أفكارا عنصرية وجنسية ووطنية وسياسية كثيرة، وجعلت للأوسكار وجها كوزموبوليتانيا ليبراليا يحمل ألوان الطيف، أو على الأقل بعض ملامح هذا الوجه، الذي يكتسي هذا العام بملامح مكسيكية ومصرية وأفريقية ويابانية.
على أية حال، وبعيدا عن الجدل المثار حول الأكاديمية وأعضائها والأفلام المرشحة، فيما يلي تقديراتنا للنتائج التي ستعلن مساء الأحد القادم- فجر الاثنين بتوقيتنا.
أفضل فيلم
"روما"
هو الأجدر بكل المقاييس، ولو فاز "الكتاب الأخضر" ستكون سقطة جديدة لديموقراطية الأوسكار لا تقل عن السقطة التي أتت بترامب!
أفضل اخراج
ألفونسو كوران عن "روما".
هذه جائزة شبه مؤكدة، وغير ذلك لن يكون سقطة، بل جريمة. كوران حصل على أوسكار أفضل مخرج منذ بضعة أعوام عن فيلمه "الجاذبية الأرضية"، و"روما" أفضل حتى من "الجاذبية.." بكثير.
أفضل ممثلة
جلين كلوز عن دورها في فيلم "الزوجة".
كلوز رشحت للجائزة سبع مرات من قبل ولم تحصل عليها، إلا إنها الأقرب للجائزة تقديرا لمسيرتها الفنية، ولفكرة المرأة المبدعة التي تضطر للعمل "من الباطن "خلف واجهة زوجها، مع أنها فكرة سبق أن رأيناها في فيلم "عيون كبيرة" منذ عدة أعوام، وبالرغم من أن "الزوجة" ليس فيلما عظيما، بسبب بعض أخطاء السيناريو والمونتاج وتواضع موهبة مخرجه. ولو أنصفت الأكاديمية فسوف تحصل أوليفيا كولمان عن تجسيدها لدور آن ملكة بريطانيا في فيلم "المفضلة".
أفضل ممثل
رامي مالك عن دوره في "قصيدة بوهيمية".
يلعب رامي، المصري الأصل، شخصية فريد ميركوري نجم فريق "كوين" الذي سحرت موسيقاه أجيال. هناك لحظات في الفيلم ترتبك أمام أداء مالك معتقدا بالفعل أنه ميركوري. يضاف إلى ذلك الجهد الخرافي الذي بذله من أجل الدور…يعني موهبة واجتهاد. ماذا تحتاج أكثر من ذلك لتحصل على الأوسكار؟
أفضل ممثلة مساعدة
ريجينا كينج عن دورها في فيلم "لو تكلم شارع بيل؟"
هذا فيلم بسيط مؤثر، مقتبس عن رواية شهيرة للأديب الأسود جيمس بالدوين، يدور عن العنصرية وعن شخصية امرأة سوداء قوية ونبيلة الخلق، تلعبها ممثلة كبيرة لم تواتها الفرصة من قبل للعب دور بهذا العمق.
أفضل ممثل مساعد
ماهرشالا علي
ممثل أسود أيضا موهوب وبارع لفت الأنظار منذ عدة أعوام بدوره في فيلم "مونلايت" الذي فاز بأوسكار أفضل فيلم متفوقا على "لالا لاند". علي يلعب دورا رائعا آخر في "الكتاب الأخضر"، وهو العنصر الأكثر تميزا في الفيلم.
أفضل سيناريو مقتبس عن وسيط آخر
من عجائب الأوسكار أن مخرجا كبيرا بحجم سبايك لي لم يرشح أبدا لأوسكار أفضل مخرج. وفيلمه الأخير ذو العنوان المضحك "بلاكككلانسمان" واحد من أفضل أعماله، ولكن فرصه ضعيفة للفوز بأفضل فيلم أو مخرج، لكن على الأقل سيفوز بأوسكار أفضل سيناريو الذي شارك سبايك لي في كتابته.
افضل سيناريو مكتوب مباشرة للسينما
"المفضلة" مرشح لعشرة جوائز مثله مثل "روما"، ولكن حظوظه تكاد تنحصر في التمثيل والملابس والديكور، وبالقطع في السيناريو الذي كتبته ديبورا ديفيز بمساعدة توني ماكنمارا، وهو سيناريو شاق يحتاج إلى سنوات من البحث والتنقيب والصياغة حتى يمكن أن يخرج بهذه الدقة التاريخية والمتعة الفنية مع خفة دم أيضا.
أفضل تصوير
"روما"
ألفونسو كوران مرشح كمنتج ومخرج ومؤلف ومصور ومونتير. ربما لا يحصل "روما" على أوسكار أفضل فيلم للأسباب السابق ذكرها، لكن كوران يستحق بالتأكيد أوسكاري أفضل مخرج ومدير تصوير.
أفضل مونتاج
"قصيدة بوهيمية"
المبني على طريقة الفيديو كليب، الذي تتوافق فيه الموسيقى مع الصورة بشكل شديد الروعة، ثم "النائب" الذي يعتمد على سيناريو مبتكر يتنقل بين الأزمنة والواقع التاريخي والخيال القصصي لا يمكن تنفيذه بدون مونتاج خلاق ودقيق، وهو العنصر الأفضل في هذا الفيلم.
أفضل موسيقى تصويرية
لا يكفي أن تكون الموسيقى التصويرية جميلة، أو معبرة عن المضمون ومكملة له، لكنها يجب أن تعطي للعمل مزاجا وروحا، وأن تبقى داخلك بعد مشاهدة الفيلم بأيام، وكل هذا ينطبق على موسيقى فيلم "لو تكلم شارع بيل؟"
أفضل مؤثرات بصرية
"المنتقمون: حرب الأبدية"، فهو عبارة عن مؤثرات خاصة نبت لها فيلم!
أفضل تصميم انتاج، أو "ديكور"
"المفضلة" و "النمر الأسود" هما الأكثر حظا، لكن الثاني هو الأرجح.
أفضل تصميم ملابس
"المفضلة"
أفضل مونتاج صوت
"قصيدة بوهيمية"
أفضل مزج صوت
"مولد نجمة" أو "قصيدة بوهيمية"، والثاني الأرجح.
أفضل أغنية
"قصيدة بوهيمية" طبعا، لكنها قديمة ولا تنطبق عليها الشروط أصلا!! لذلك ستفوز أغنية "شالو" أو "ضحل" غناء الدويتو ليدي جاجا وبرادلي كوبر من فيلم "مولد نجمة".
أفضل فيلم تحريك
كالعادة يتنافس على الجائزة عدد من الأفلام الرائعة، منها "جزيرة الكلاب" للمخرج ويز أندرسون صاحب الأفلام الخيالية مثل "فندق بودابست الكبير" و"الرائع مستر فوكس"، لكن العمل الأفضل على مستوى فن التحريك، وأيضا لفكرته التي تدور حول بطل خارق أسود، هو "سبايدرمان: داخل نسيج العنكبوت".
أفضل فيلم أجنبي
بالنسبة لي "سارقو المتاجر" الياباني هو الأفضل، ولكن "حرب باردة" قد ترجح كفته بسبب مضمونه السياسي الذي ينتقد الديكتاتورية الشيوعية، وربما يفعلها "روما" أيضا. المشكلة أن الذين سيعطون "روما" صوتهم كأفضل فيلم غالبا سيختارون عملا غيره كأفضل فيلم أجنبي، والعكس بالعكس!
أفضل فيلم وثائقي طويل
"عزف حر" Free Solo أحد انتاجات "ناشيونال جيوجرافيك" المتميزة حول متسلقي الجبال، عمل كبير فنيا وممتع للمشاهد. و"RBG" فيلم مهم ومؤثر عن نضال إحدى قاضيات المحكمة الدستورية العليا في الولايات المتحدة الأمريكية. شيء محير!
أفضل فيلم وثائقي قصير
الفيلم الهندي "نقطة. انتهت الجملة" للمخرجة الشابة رايقا زيتابشي، الذي يتناول حياة الفتيات العاملات غير المتعلمات في إحدى القرى الهندية.
أفضل فيلم روائي قصير
"مارجريت" للمخرجة الكندية ماريان فيرلي عن العلاقة التي تنشأ بين امرأة مسنة وخادمتها، ليس فقط لقصته الانسانية، ولكن لطموحه الفني الذي يجعل من كل لقطة لوحة زيتية على اسلوب فان جوخ.
أفضل فيلم تحريك قصير
"بوا" من انتاج بيكسار واخراج الصينية الأصل دومي شي عبارة عن تحفة فنية!