هيثم الخميسي يكتب: من المسؤول الحقيقي عن تدهور صناعة الفن في مصر
هيثم الخميسي
التساؤل الذي طرحته الزميلة القديرة المخرجة كاملة أبو ذكري يستحق الرد .. يستحق التفكير فيه بعمق وبإمعان ومن ثم طرحه للمناقشة المجتمعية والرد عليه وإيجاد حلول له بأي شكل من الأشكال .. وهذا الواجب هو من واجبات السادة القائمين اقتصادياً عن هذه الصناعة (أو ما تسمى صناعة)!!
تساؤلات كاملة أبو ذكري النابعة من اهتمامها وخوفها على صناعتها التي حلمت منذ صغرها (كما حلمنا جميعا منذ صغرنا) أن تكون جزءاً منها، هي تساؤلات شرعية ومهمة!!
كانت احلامنا الصغيرة عندما التحقنا بالمعهد العالي للسينما (وحتى من لم يلتحق بالمعهد) يافعة وملهمة لكل واحد فينا .. حاربنا من أجل تلك الأحلام الصغيرة كل من كان يقف في طريقنا حتى لو كان من أسرنا وأهلنا .. قاومنا بضراوة عراقيل وموعوقات كانت توشك ان تنهينا تماماً .. كل واحد فينا له قصته الصغيرة في مشوار انتمائه لتلك الصناعة الساحرة .. والتي اول ما سحرت كانت قلوبنا اليافعة .. وبالتالي نستحق جميعاً باسم كل ما ناضلنا من اجله أن يتم الرد على تساؤلات كاملة أبو ذكري!!
ولكن فلتسمح لي المخرجة الكبيرة أن أرد على تساؤلاتها من خلال وجهة نظري المتواضعة لعلي أستطيع أن أفتح بصيص أمل في محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه!!
باختصار ومع كامل احترامي وتقديري لكل زملائي .. نحن لا نمتلك صناعة في الأساس .. برغم كل المواهب العظيمة التي تعمل في كل تخصصات السينما والتلفزيون ولكننا لا نمتلك صناعة لا في السينما ولا في التلفزيون .. والسبب باختصار أن القائمين على الصناعيتين (إقتصادياً) غير مهتمين بالصناعتين وبالتالي لا يعملوا على تطويرهما!! لو تحدثت قليلا عن صناعة السينما في مصر والتي بدأت في مصر منذ ١٢٠ عاماً قبل أن تبدأ في أمريكا نفسها، سأقول بجرأة شديدة أن أصحاب رؤوس الأموال في هذه الصناعة والقائمين عليها اقتصادياً هم أول من دمروها .. هم أول المتهمين في ذبحها .. لأنهم لا يحبونها مثلما أحببناها .. هي بالنسبة لهم مجرد بقرة تحلب لهم الأموال وبمجرد أن ينتهوا من حلب اخر قطرة سيذبحونها وبيعون لحمها ليشتروا بقرة جديدة تحلب لهم أموالا جديدة في مجال اخر وصناعة اخرى!! هذا هو الحال!!
هم المسؤولون عن ارتفاع أسعار النجوم المبالغ فيه .. هم المسؤولون عن انهيار منظومة الصناعة التي استمرت لسنوات والتي كانت مبنية على ثلاثة شركاء في مصلحة مشتركة (المنتج – الموزع – مالك دار العرض) .. هم من خبأووا اموالهم في جيوبهم اول ما بدأ الوليد بن طلال في ضخ الأموال في السينما ليقوموا هم بإنتاج سينما بأموال الوليد بدلاً من منافسته .. وبأموالهم اشتروا دور العرض ليحتكروا السوق فتنهار المنظومة .. هم من يقفون طوال الوقت على الحياد في أي قرار سيادي للدولة يضع صناعة السينما في مأزق دون أن يحاربوا من أجل إنقاذ صناعتهم .. وفِي النهاية يرسلون في استنجادات لوزراء الثقافة لينقذوا السينما وكأن وزارة الثقافة هي المسئولة عن صناعة السينما!!!!
وإذا قمت بسرد كم الجرائم التي مارسوها على صناعتنا لكتبت مجلدات!!!
أما عن التلفزيون فالإجابة عما يحدث يجب ان نسمعها من الدولة التي أممت الإعلام منذ عامين تأميماً ناعماً للسيطرة عليه!! والواضح أن الأموال التي ضخت في شراء المنظومة بأكملها أفلست الخزينة فلا يوجد أموال أخرى لإنتاج مسلسلات جديدة!!! ولكن كحال صناعة السينما البائس والمسؤول عنه القائمين عليها .. فأعتقد أن من كانوا قائمين سابقاً عن منظومة الإعلام هم المسؤولون عما يحدث من خراب في صناعة المسلسلات التلفزيونية!!!
كي يتم الرد على تساؤلات كاملة أبو ذكري، يجب أن نقف جميعاً بشجاعة ونعترف بأخطائنا ونفتح باب النقاش المجتمعي بين جميع الأطراف لنجد حلاً لانهيار صناعة المفترض ان تذر المليارات التي تدعم اقتصاد الدولة!!!!