ريفيو

مش زيهم.. نساء كسرن قيودهن على شاشة السينما

سمو حسام الدين

أن تكوني امرأة هذا يعني أنك يا عزيزتي ” مش زيهم”.. يعني أن تكبري وأنت تحاولين استكشاف ذاتك ومن ثم تحقيقها، وهنا عند هذه الكلمة بالضبط” تحقيقها” ستواجهين الكثير من العقبات ليس لأنك من بلاد الشرق، ففي سويسرا أيضا عانت المرأة ما عانته والدة المخرجة “نادين فارس” صانعة فيلم “مش زيهم

Big little woman” “

الذي حاز جائزتين في مهرجان أسوان لأفلام المرأة: جائزة أفضل فيلم مصري، وكذلك جائزة الاتحاد الأوروبي لأفضل فيلم أورومتوسطي لأفضل فيلم حول حقوق المرأة وتمكينها، وكذلك تنويه من لجنة تحكيم الفيلم الطويل.

فيلم فيه الكثير من وعن نوال السعداوي المفكرة المثير للجدل، ولكنه ليس فيلماً عنها بشكل خاص. هو أقرب أن يكون “سيرة ذاتية” لنادين فارس، وما أخذته من أقوال نوال المتشعبة هو ما وافق رؤيتها، والرسالة والمعتقدات التي تريد إيصالها من خلال هذا العمل.

ومع ذلك فلا يمكن القول إنه سيرة ذاتية خالصة فقد دمجته نادين مع قصة ثلاث شابات مصريات قمن بمبادرة كسرن من خلالها قيود المجتمع الوهمية.

مش زيهم

فأن تكوني شابة هنا في مصر، هذا يعني أنه لابد لك وأنت تسيرين في طريقك أن تواجهي أعرافاً وتقاليد لا نعرف من بدأها وتحتاج من ينهيها إذ أنها تزداد غلظة مع الأيام ما لم تجد من يقف في طريقها أو بالأحرى من تقف في طريقها.

لا منطق يحرم الفتيات من قيادة الدراجة، ولا سبب يمنع إحداهن من كسب رزقها بالطريقة التي تحب حتى لو كانت قيادة أوبر.

مش زيهم

ثلاث شابات تحدين كل النظرات المستنكرة فالعيون هنا تعودت رؤية نساء مستكينات في لباسهن، في سيرهن، في كل حركة وسكون، تطبقن ما قرره لها غيرها. وقمن بمبادرة توزيع الوجبات المجانية وهن يقدن الدراجات.

في الفيلم قدرة ذكية على استكشاف المكان، والتصوير واختيار اللقطات، واستغلال أحداث حقيقية واقعية من الحياة اليومية للناس دمجت في سياق الفيلم ووضعت بالمكان المناسب لتكمل الحكاية وتدعم محتوى الفيلم. مثل الكرة التي رماها الصبية على وجه طفلة جالسة على مقربةٍ منهم.

فيلم “مش زيهم” دمج الشخصي بالعام وحاولت نادين فيه أن تستعرض ثلاثة أجيال من النساء.

وأن تقارن بين حال المرأة في دولتين مختلفتين اختلافاً كبيراً هما مصر وسويسرا.

مش زيهم

فالمرأة السويسرية ممثلة بوالدة نادين فارس حاربت لتنال حرية اختيار شريك حياتها في بلدها التي تأخرت عن مصر عبدالناصر بإعطاء حق الانتخاب للمرأة بخمسة عشر عاماً.

الجيل الأول من النساء كان ممثلاً بوالدتها، الجيل الثاني وتمثله هي، والجيل الثالث ممثلاً بالشابات المصريات الثلاث اللاتي كن رمزاً للجسارة والقوة والقدرة والذكاء بما يخالف الأقوال المتداولة التي تحط من قدر الجيل الجديد.

وقد حاول الفيلم أن يستعرض طريقة تفكير الأهل ومخاوفهم، والمجتمع الذي يجعل فرض الطاعة على الأبناء وخاصة الفتيات هو الأمر السليم.

هو منطق الخوف الذي لا منطق له سوى أنه دافع غرائزي يملك على الإنسان نفسه إذا ما استسلم له. الخوف من المجتمع، من المستقبل، من مخالفة شرائع وفتاوى مبتدعة، ومن أن تفقد الفتاة أمانها المتمثل-برأيهم- بالعثور على زوج.

مش زيهم

قصة إنسانية وذاتية، محلية وعالمية، فيها هواجس الإنسان وتاريخ وطن وشخصياته السياسية والفكرية كناصر والسادات والسعداوي. ومحطات هامة في التاريخ المصري كالتأميم. وفي هذه النقطة بالذات يؤخذ على صناع الفيلم عدم التدقيق في المعلومات التاريخية التي وردت ضمن سياق الفيلم وفيها بعض المغالطات المنافية للواقع.

ومع ذلك فإن الفيلم بدا كأثر الفراشة، إذ أن حركة تغيير صغيرة قد يتردد صداها في كل العالم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى